الاعتقاد وفي اصول الفقه إذا كانت من المسائل اللغويّة أو المسائل العقليّة ، وأمّا إذا كانت شرعيّة بكون الحكم فيها بحيث من شأنه أن يؤخذ من الشارع كمسائل الحجّية فلا حجر عن العمل بخبر الواحد فيها ، لاتّحاد المناط فيها وفي الفروع ، بل عموم دليل الحجّية.
وأمّا الثاني : فلأنّ الإلزام بالأثقل إنّما هو بموجب الأمر الوارد في الخبر لا مطلقا ، فليس من الإلزام بمشقّة لم يدلّ عليه الشرع ، فليس فيه مظنّة ريبة.
وأمّا قوله عليهالسلام : « لك أن تنظر الحزم وتأخذ بالحائطة لدينك » (١) ففيه :
أوّلا : منع دلالته على الوجوب لا بطريق النصوصيّة ولا الظهور ، فإنّ غاية ما يفيده « اللام » إنّما هو الرخصة في الفعل ، ولا إشكال في جواز الاحتياط بل رجحانه على تقدير استفادته من اللام فإنّ الاحتياط حسن على كلّ حال عقلا ونقلا.
وثانيا : منع كون الحائطة للدين يراد منها الاحتياط بالمعنى المبحوث عنه ، بل هو بقرينة « أن تنظر الحزم » ظاهر فيما يحفظ به من الاحتراز عن منافياته الّتي منها فعل الحرام ، فيجامع العلم بالحكم ولا إشكال في وجوبه ، ولا يندرج فيه الاحتياط في الشبهة.
وأمّا قوله عليهالسلام : « ليس بناكب ... » (٢) إلى آخره.
ففيه : أيضا منع ظهوره في الوجوب ، بل نظير هذا التركيب شيء يذكر في مقام الوعظ والإرشاد ، ولعلّ النظر فيه بقرينة السلوك والسبيل إلى تارك الطريقين من الاجتهاد والتقليد الّذي يعمل بالاحتياط في جميع أعماله من العبادات ، والمعاملات ، فإنّه أسلم الطرق في امتثال أحكام الله تعالى ، ولا سيّما في مقابلة الجاهل في العبادات والمعاملات التارك لطريقة الاحتياط أيضا.
ولا ريب أنّ السالك بطريقة الاحتياط لإدراكه الواقع في جميع الوقائع لا ينكب عن الصراط ، بخلاف الجاهل التارك لها فإنّه حيث لم يطابق عمله الواقع ربّما ينكب ، وكذلك السالك لطريقة الاجتهاد والسالك لطريقة التقليد أيضا ربّما أمكن في حقّهما النكوب فيمالو قصّرا في مراعاة شروط الاجتهاد أو التقليد ، هذا مضافا إلى قوّة احتمال إرادة ما يأمر به الطبيب من الاحتراز عن الامور الغير المشروعة في الدين ، فإنّ صاحبه لا ينكب عن الصراط
__________________
(١) الوسائل ١٨ : الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، ح ٥٨ ( عن الشهيد ) ، لم نجد في الذكرى هذا النصّ ، وإنّما الموجود في ( ص ١٣٨ ) عن العبد الصالح : أرى لك أن تنتظر حتّى تذهب الحمرة وتأخذ الحائط لدينك.
(٢) الحدائق ١ : ٧٦.