وإن لم يدرك ذكاته فهو ميتة ، لأنه تلف من فعلين أحدهما مباح والآخر محظور ، كما لو قتله كلب مسلم ومجوسي ، وأما الذي يجب على الجارح فالذي يظهر أن الأول ان لم يقدر على ذكاته فعلى الثاني قيمته بتمامها معيبا بالعيب الأول ، وإن قدر فأهمل فعلى الثاني نصف قيمته معيبا ، ولعل فقه هذه المسألة ينكشف باعتبار فرض نفرضه ، وهي دابة قيمتها عشرة جني عليها فصارت تساوي تسعة ، ثمَّ جرحها آخر فصارت إلى ثمانية ، ثمَّ سرت الجنايتان ، ففيها احتمالات خمسة : لا يخلو أحدها من خلل الى آخر البحث.
أقول : هذه المسألة من المسائل المشكلة من هذا الفن ، وقد ذكر المصنف هنا خمسة احتمالات ثمَّ ذكر أنه لا يخلو أحدهما من خلل ، أي لا يخلو كل احتمال من هذه الاحتمالات الخمسة من خلل ، ونحن إن شاء الله نذكر لفظ المصنف في كل احتمال منها ونبين وجهه ونذكر (٦٥) الخلل الذي فيه.
قال رحمهالله : وهو إما إلزام الثاني كمال قيمته معيبا ، لأن جناية الأول غير مضمونة بتقدير أن يكون مباحا ، وهو ضعيف ، لأن مع إهمال التذكية جرى مجرى المشارك في جنايته.
أقول : هذا هو الاحتمال الأول من الاحتمالات الخمسة ، وقد أشار المصنف الى وجهه والى وجه ضعفه ، ونزيده بيانا ، أما وجه ضمان الثاني كمال (٦٦) قيمته معيبا ، لأن جناية الأول مباحة ، والثانية محرمة ، وإذا اجتمع المباح والمحرم غلب المحرم ، كما لو اشترك المؤمن والكافر في الرمي فمات الصيد من جرحيهما فإنه يكون حراما ، وإذا كان المحرم هو الجرح (٦٧) الثاني فهو المتلف ، لأنه جعل اللحم
__________________
(٦٥) في « م » و « ن » : ثمَّ نذكر.
(٦٦) في الأصل : كماله.
(٦٧) في « م » و « ن » : جرح.