قيل : لا ، لان بذله واجب فلا يلزم العوض ، وإن كان الثمن موجودا وطلب ثمن مثله وجب دفع الثمن ، ولا يجب على صاحب الطعام بذله ، لو امتنع من بذل العوض ، لأن الضرورة المبيحة لاقتساره مجانا زالت بالتمكن من البذل ، وإن طلب زيادة عن الثمن ، قال الشيخ : لا يجب الزيادة ، ولو قيل : تجب كان حسنا ، لارتفاع الضرورة بالتمكن.
أقول : هنا ثلاث مسائل :
الأولى : إذا اضطر الإنسان إلى طعام الغير بمعنى أنه إن لم يستعمله تلف ولم يكن المالك مضطرا اليه ، هل يجب على المالك بذله أم لا؟ قال الشيخ في المبسوط : يجب ، وقد ذكر المصنف الوجه في ذلك ، وهو عدم جواز الإعانة على قتل المسلم ، وفي الامتناع من بذل الطعام إعانة على ذلك ، وهو غير جائز فوجب البذل ، واختاره المصنف والعلامة وهو المعتمد ، وقال الشيخ في الخلاف : لا يجب البذل ، لأصالة براءة الذمة واختاره ابن إدريس.
الثانية : على المختار من وجوب البذل ، هل يجب على المضطر العوض إذا لم يكن (٧٥) يقدر عليه في الحال ، بمعنى أنه يصير متعلقا في ذمته يجب عليه دفعه عند القدرة عليه؟ نقل المصنف والعلامة قولا بعدم وجوب العوض لوجوب (٧٦) البذل ولا عوض على الواجب ، واختار فخر الدين الوجوب لعصمة مال الغير ، ولما فيه من الجمع بين الحقين وهو المعتمد.
الثالثة : أن يكون الثمن موجودا عند المضطر وطلب صاحب الطعام أزيد من ثمن المثل فحينئذ لا خلاف في وجوب دفع ثمن المثل ، وإنما الخلاف في دفع الزيادة ، لارتفاع الضرورة بالتمكن من دفع الزيادة ، واختاره العلامة وابنه وهو
__________________
(٧٥) ليست في النسخ.
(٧٦) في الأصل : لوجوب.