العكس ، فخرج (١) الكلام عن مقتضى الأصل في «اللام» ، فيكون كقولهم «ضربته للتأديب» أي لتحصيل الأدب له ، لا لحصوله سابقا ، فيجب التأويل بالإرادة ؛ أي إرادتي لمغفرة ذنبك صارت سببا لأن فتحت لك هذا الفتح.
وحينئذ فنجري «اللام» على الأصل فيها ، وأمّا على ما فسّرناه به من فتح باب الوجود فهي على أصلها من دون تكلّف تقدير الإرادة السابقة ، فإنّ المراد من المغفرة ، الرحمة والمحبّة الإلهيّة المستفادة من قوله : «فأحببت أن أعرف» (٢) ، وقد كانت أزليّة قديمة ؛ كما قال : (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) (٣) ؛ أي للرحمة ، فتفطّن (٤).
هذا مع أنّ الحقّ أنّ المشيّة والإرادة من صفات الفعل لا من صفات الذات ، فهما أيضا مخلوقتان ؛ كما قال : «خلق الأشياء بالمشيّة ، وخلق المشيّة بنفسها» (٥) ، وقد عرفت أنّ الحقيقة المحمّديّة هي الإبداع الأوّل ، فلو كانت مخلوقة بالمشيّة كانت سابقة عليها وأوّل ما خلق ، فكيف تكون هذه الحقيقة أوّل ما خلق الله؟! اللهمّ إلّا أن يقال : إنّ هذه الحقيقة عين المشيّة ؛ كما يستفاد من بعض الروايات. فافهم.
ولك أن تجعل «اللام» للعاقبة ، أو العلّة الغائيّة ، فيكون مدخولها مسبّبا لا
__________________
(١) «أ» : فيخرج.
(٢) بحار الأنوار ٨٧ : ١٩٩.
(٣) هود : ١١٩.
(٤) بحار الأنوار ٢٤ : ٢٠٦.
(٥) في البحار ٥٧ : ٥٦ عن أبي عبد الله عليه السلام قال : خلق الله المشيّة بنفسها ، ثمّ خلق الأشياء بالمشيّة وكذا : الكافي ١ : ١١٠.