لا مونس له سواه ، ولا نطق ولا إشارة ولا نفس إلّا بالله ، ومن الله ، ومع الله.
وفيه أيضا : حبّ الله إذا أضاء على سرّ عبد أخلاه عن كلّ شاغل ، وكلّ ذكر سوى الله عنده ظلمة ... (١) إلى آخره.
فإذا وفّق الله عبدا لأن ينسى وجوده الموهوم ويغطّي عليه غطاء الحياء والخوف بحيث لا يرى نفسه في جنب وجود الحقّ الّذي هو حقيقة الوجود وصرفه ، فقد غفر له وستر على وجوده الّذي لا ذنب أعظم من رؤيته في جنب وجود الله ، وحينئذ يصير فانيا في الله ، باقيا ببقاء الله ، فيصير منشأ لأفعال الربوبيّة ، ومحلّا للقدرة الإلهيّة.
وفي الحديث القدسيّ : يا بن آدم ، أطعني فيما أمرتك وانته عمّا نهيتك حتّى أجعلك مثلي وليس كمثلي ، أنا إذا أقول لشيء كن! فيكون ، وأنت إذا تقول لشيء كن! فيكون (٢).
وفيه أيضا : [يا ابن آدم ،] أنا حيّ لا أموت ، أطعني حتّى أجعلك حيّا لا تموت (٣).
كلّ ذلك في ساحة الإمكان وفيما دون مرحلة اللاهوت ، ما للتراب وربّ الأرباب والاتّصاف بالصفات غير الاتّصال بالذات والحديدة المحماة بمجاورة النار من غير سنخ النار مع أنّها تفعل فعل النار. وهذا المثال للتقريب ، وإلّا فلا مجال للتمثيل والمثال ، وقد أجاد من قال :
__________________
(١) مضباح الشريعة : ١٩٢ ، جامع الأخبار : ٨١.
(٢) بحار الأنوار ٧١ : ١٣٥.
(٣) بحار الأنوار ٩٣ : ٣٧٢. وليس فيه كلمة «حتّى».