وأمّا لو خصّ بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ففيه إنّه إذا كان هو المرسل ، فكيف يقال له لتؤمن بنفسك ويمكن التفصّي عنه بتوجيه الخطاب في «أرسلناك» إلى الهيكل المقدّس البشريّ وإرادة الحقيقة المجرّدة الأوّلية من رسوله؟ ولذا يصحّ شهادته برسالة نفسه في التشهّد والسلام على ذاته في التسليم.
و «التعزير» بالزاء المعجمة والراء المهملة : التفخيم والتعظيم والإعانة ؛ كما في قوله في سورة الأعراف : (فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ) (١) وقرئ بالزاءين المعجمتين من العزّة وهي القوّة ؛ أي تقوّوه بنصركم إيّاه.
و «التوقير» التعظيم.
و «التسبيح» التنزيه عمّا لا يليق ، والضمائر يحتمل أن تكون كلّها لله ، وأن تكون كلّها لرسوله ، وأن يكون الأخير للأوّل،والأوّلان للثاني،ولذا وقف بعضهم على «توقّره».
و «البكرة» الغدوّ.
و «الأصيل» العشيّ ، ويمكن أن يراد بذلك الدوام إلّا أن يراد بالتسبيح : الصلاة ، لا مطلق التنزيه.
وفي الآية دلالة على فساد قول من زعم أنّ الله يريد من الكافر الكفر ، كما يريد من المؤمن الإيمان ، فكلا الفريقين مجبور على ذلك لا يمكنه التخلّف ؛ إذ يلغو جعل الغرض من الإرسال هو إيمان الكفّار لو كانوا مجبورين على الكفر.
__________________
(١) الأعراف : ١٥٧.