عطفا على قوله : (الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ) ... إلى آخره فإنّه تعالى لمّا أشار إلى أنّ الغرض الأصليّ من إرساله صلّى الله عليه وآله الإيمان بالله ورسوله وتعظيم دينه والتنزيه عمّا لا يليق ، مدح المؤمنين أوّلا ثمّ أتبعه بذمّ المنافقين ، ثمّ بذمّ الكافرين جهارا ، وإنّما وسّط المنافقين لكونهم مذبذبين بين ذلك ؛ لا إلى هؤلاء ، ولا إلى هؤلاء ؛ أي ليسوا بمؤمنين بحسب الواقع ، ولا بكافرين بحسب الظاهر.
ويحتمل أن يكون المراد بالكافرين هم المنافقين المتقدّم ذكرهم ، أو ما يشملهم ، وفي وضع الظاهر موضع الضمير تعريض بأنّ المنافق أيضا من أصناف الكفّار يعامل الله معه معاملتهم من إدخاله السعير الّتي أعدّها لهم ، فالرابط بين الشرط والجزاء هو العموم ، وفيه أيضا إشعار بأنّ العلّة للجزاء المذكور هو الكفر.
و «الاعتداد» هو الإعداد الّذي معناه التهيئة ؛ كما في قوله تعالى : (وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً) (١) ؛ أي أعدّت وهيّأت. والعتاد : العدّة والأهبة.
و «سعير» اسم من أسماء جهنّم ـ على ما قيل ـ ولكن يرده التنوين ، فإنّه لا يلحق غير المنصرف للعلميّة والتّأنيث كغيرهما من أسباب المنع ، فالأولى كونه وصفا للنار ؛ أي : نارا موقدة.
والتنكير ، للتهويل والتعظيم ؛ كما في قوله تعالى : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) (٢) أي : بحرب عظيم ، أو للنوعيّة ؛ أي : نوعا مخصوصا من النار.
__________________
(١) يوسف : ٣١.
(٢) البقرة : ٢٧٩.