وروي في بعض كتب العامّة : إنّ رسول الله قال : لا يتمنّينّ أحدكم الموت لضرّ نزل به ، وإن كان ولا بدّ فليقل : اللهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرا لي ، وأمتني ما كانت الوفاة خيرا لي (١). انتهى.
فالمنهيّ عنه كيف يصلح أن يكون دليلا على محبّة الله وولايته؟!
قلت : بعد الغضّ عن ضعف سند الخبرين ومخالفتهما لظاهر القرآن ، أنّ تمنّي الموت على قسمين :
أحدهما : أن يكون للاشتياق إلى الدار الآخرة ، والوصول إلى لقاء الحقّ ، والجلوس على بساط قربه ، كما هو غاية آمال المشتاقين ، ومنتهى أماني العارفين ، وقد قال الله في «الحديث القدسيّ» : أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ، ولا أذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر (٢). وهذا التمنّي ممدوح.
وثانيهما : أن يكون من باب الجزع وترك الصبر على مصائب الدنيا ، وعدم الرضا بالقضاء والتسليم لأمر الله وقدره ، كما هو الغالب في الناس. ومن هنا قال الشاعر :
ألا موت يباع فأشتريه |
|
فهذا العيش ما لا خير فيه |
ألا رحم المهيمن روح عبد |
|
تصدّق بالوفاة على أخيه |
وهذا التمنّي مذموم ، والنهي محمول عليه.
فإن قلت : قد ذكرت أنّ أولياء الله يتمنّون الموت ولا يكرهونه بقلوبهم ،
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٩ : ١٧٦.
(٢) عوالي اللئالي ٤ : ١٠١.