إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق |
|
عن الحسّ خمسا ثمّ عن مدركاتها |
وقال بعضهم :
اقتلوني يا ثقاتي إنّ في قتلي حياتي |
|
ومماتي في حياتي وحياتي في مماتي |
وفي التنزيل :
(وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (١).
وفي الحديث : إنّما خلقتم للبقاء لا للفناء (٢). فالفاني من الإنسان هو جسده وبدنه لا نفسه وحقيقته ، بل قيل : إنّ الضمير في قوله (كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ) (٣) راجع إلى نفس الشيء ، يعني : إنّ كلّ شيء فان سوى حقيقته.
وبالجملة : لا تكون الحياة الدنيويّة الزائلة أشرف من الموت الّذي هو قنطرة إلى الحياة الأبديّة الباقية.
وقد حكى بعض أنّه رأى شابّا مغلو لا ينظر إلى السماء ويبكي ويقول بعد جملة من الكلمات : آه آه من حيّ يحسد الأموات ، آه آه من حياة شرّ من الممات ، فويل ثمّ ويل لي ، وطوبى ثمّ طوبى لإخواني الّذين لم يخلقوا ، وهنيئا لأقربائي الّذين لم يوجدوا واستراحوا في فسحة العدم من تعب الحياة ؛ فقلت : يا مجنون ، ألم تعلم أنّ الوجود أشرف من العدم؟ فقال : هل خلوت منذ خلقت عن مكاره الدنيا؟ قلت : لا. قال : فهل أنت على يقين
__________________
(١) آل عمران : ١٦٩.
(٢) غرر الحكم : ١٣٣.
(٣) القصص : ٨٨.