ناداهم صارخ من بعد ما دفنوا |
|
أين الأسرّة والتيجان والحلل |
أين الوجوه الّتي كانت محجّبة |
|
من دونها تضرب الأستار والكلل |
فأفصح القبر عنهم حين ساءلهم |
|
تلك الوجوه عليها الدود ينتقل |
قد طال ما أكلوا فيها وقد شربوا |
|
فأصبحوا بعد طول الأكل قد أكلوا |
وطال ما كنزوا الأموال وادّخروا |
|
فخلّفوها على الأعداء وارتحلوا |
وطال ما شيّدوا دورا لتحصنهم |
|
ففارقوا الدور والأهلين وانتقلوا |
أضحت مساكنهم وحشا معطّلة |
|
وساكنوها إلى الأجداث قد رحلوا (١) |
إلى آخر الأبيات المذكورة في «الديوان العلويّ».
وقد حكى «ابن خلّكان في تاريخه» : إنّه قد سعي بعليّ بن محمّد الجواد عليهما السلام إلى المتوكّل العبّاسيّ وقيل له : إنّ في منزله سلاحا وكتبا وغيرها من شيعته ، وأوهموه أنّه يطلب الأمر لنفسه ، فوجّه إليه بعدّة من الأتراك ليلا فهجموا عليه في منزله على غفلة ، فوجدوه وحده في بيت مغلق وعليه مدرعة من شعر ، وعلى رأسه ملحفة من صوف ، وهو مستقبل القبلة يترنّم بآيات من القرآن في الوعد والوعيد ، وليس بينه وبين الأرض بساط إلّا الرمل والحصى ، فأخذ على هذه الصورة الّتي وجد عليها ، وحمل إلى المتوكّل في جوف الليل ، فمثل بين يديه والمتوكّل يستعمل الشراب وفي يده كأس ، فلمّا رآه أعظمه وأجلسه إلى جانبه ، فناوله الكأس الّتي كانت بيده ، فقال عليه السلام : يا أمير المؤمنين ما خامر لحمي ودمي قطّ ، فأعفني عنه! فأعفاه وقال : أنشدني شعرا أستحسنه ، فقال : إنّي لقليل الرواية في
__________________
(١) ديوان الإمام عليّ عليه السلام : ٣٢١.