الآية ، لأنّ النهي يدلّ على فساد المنهيّ عنه (١). انتهى.
وفيه : إنّ هذا مسلّم في العبادات دون المعاملات كما حقّق في الأصول ، نعم سلّمنا دلالة النهي أي صيغته على التحريم كما عليه كثير من المحقّقين ، والإجماع ثابت على حرمة البيع بعد النداء ، ولكن في فساده بأن لا يحصل معه النقل والانتقال خلاف.
قال العلّامة رحمه الله في «التذكرة» : البيع بعد النداء يوم الجمعة حرام بالنصّ والإجماع ، قال الله تعالى : (وَذَرُوا الْبَيْعَ) والأمر للوجوب ، والنهي للتحريم ، ولا خلاف بين العلماء في تحريمه ، والنداء الّذي يتعلّق به التحريم ، هو النداء الّذي يقع بعد الزوال والخطيب جالس على المنبر ـ إلى أن قال ـ :
وهل ينعقد البيع؟ لعلمائنا قولان :
المنع. وبه قال مالك ، وأحمد ، وداود ، لأنّ النهي يقتضي الفساد.
والصحّة. وبه قال الشافعيّ ، وأبو حنيفة ، لأنّ النهي [في المعاملات] لا يقتضي الفساد ، بل في العبادات ، ولأنّ البيع غير مقصود في النهي ، فإنّه لو ترك الصلاة بالمبايعة كان عاصيا ، وإذا كان مقصودا فالتحريم لا يمنع انعقاده ، كما لو ترك الصلاة المفروضة بعد ضيق الوقت واشتغل بالبيع ، فإنّه يصحّ إجماعا (٢). انتهى.
قوله : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ) إلخ ؛ «ذا» للإشارة إلى ما تقدّم من حضور
__________________
(١) مجمع البيان ، المجلّد ٥ : ٤٣٤.
(٢) تذكرة الفقهاء ٤ : ١٠٧ ـ ١١٠.