أبعد ، ومؤنّث أيضا هي أنّ التجارة أجذب لقلوب العباد عن طاعة الله [من اللهو] بدليل أنّ المشتغلين بها أكثر من المشتغلين باللهو ، ولأنّها أكثر نفعا من اللهو ، ولأنّها كانت أصلا واللهو تبعا ، لأنّهم كانوا يضربون بالطبل عند قدومها (١). انتهى.
والحاصل : أنّ اهتمامهم بالتجارة كان أكثر من اهتمامهم باللهو ، ولذا خصّت بردّ الضمير إليها ، بل في ذلك إيماء إلى أنّ اللهو ليس ممّا يعتدّ به ، ويعتني بذكره ، بل المقصود الأصليّ هو التجارة.
وكيف كان ففي «تفسير عليّ بن إبراهيم القمّيّ رحمه الله» قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وآله يصلّي بالناس يوم الجمعة ودخلت ميرة وبين يديها قوم يضربون بالدفوف والملاهي ، فترك الناس الصلاة ومرّوا ينظرون إليهم ، فأنزل الله قوله : (وَإِذا رَأَوْا) ... (٢) إلى آخره.
والميرة بكسر «الميم» وسكون «الياء» : طعام يمتاره الإنسان ، أي : يجلبه من بلد إلى بلد ، يقال : مار القوم : إذا أتاهم بالطعام. ومنه قوله تعالى : (وَنَمِيرُ أَهْلَنا) (٣).
وفي الحديث : سمّي أمير المؤمنين عليه السلام لأنّه يميرهم العلم (٤).
والمراد أنّ هذا الاسم كان في الأصل حكاية عن قوله عليه السلام :
__________________
(١) مشكلات العلوم : ٢٥٣ ـ ٢٥٤.
(٢) تفسير القمّيّ ٢ : ٣٦٧.
(٣) يوسف : ٦٥.
(٤) الكافي ١ : ٤١٢.