يشاركه فيها غيره ، أو قام بكلّ بركة ، وجاء بكلّ بركة ، من بروك الطائر على الماء ؛ أي ثبوته ووقوفه عليه ، ومنه «البركة» بكسر الباء وسكون الراء للمكان الّذي يثبت فيه الماء ، ويعدّ لإقامة الماء فيه ، ويقال : برك البعير : إذا ناخ في موضعه فلزمه.
قال أبو البقاء : البركة : النماء والزيادة ؛ حسّيّة كانت أو معنويّة ، وثبوت الخير الإلهيّ في الشيء ودوامه ، ونسبتها إلى الله تعالى على المعنى الثاني ـ إلى أن قال ـ : وبارك على محمّد صلّى الله عليه وآله : أدم ما أعطيته من الشرف والكرامة انتهى ، فتأمّل.
وإلى بعض ما ذكرناه يرجع ما قيل في تفسيره بأنّه تقديس الذات والصفات عن الإدراك ، وما قيل في معناه ؛ أي تعالى الله عن الأشباه ؛ إذ لا شبيه له في الأزل ، وتقدّس عن الأضداد ؛ إذ لم يكن له ضدّ إلى أبد الأبد.
وفي بعض كلمات الأكابر : تبارك كالكناية ، والكناية كالإشارة ، والإشارة لا يدركها إلّا الأكابر. وفي بعضها : أي هو المبارك ؛ أي بكسر الهاء على من انقطع إليه وكان له ، وهذا الفعل إذا نسب إلى الذات فهو تنزيه له ، ولذا نسب إلى الاسم ؛ كما في قوله : (تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ) (١) فهو تنزيه له والمبارك بفتح الراء : النفّاع ؛ كما في قوله : (وَجَعَلَنِي مُبارَكاً) (٢) ؛ أي نفّاعا كثير الخير. ويقال للسائل : بورك فيك ، يقصد به ردّ سؤاله ، لا الدعاء له. وبه صرّح أبو البقاء في كلّيّاته.
__________________
(١) الرحمن : ٧٨.
(٢) مريم : ٣١.