يلطّف الأرض ويعظّم البيضة (١).
وفيه دلالة على ما قيل على أنّ إدخال العظيم في الصغير لا يمكن إلّا بأن يصغّر العظيم ، أو يعظّم الصغير ؛ بنحو التكاثف والتخلخل ، وما يجري مجراهما ، وأنّ تصغير الأرض إلى حدّ تدخل في بيضة ، أو تعظيم البيضة إلى حدّ تدخل فيها الأرض غاية القدرة.
وأمّا ما رواه محمّد بن [أبي] إسحاق [الخفّاف] أنّ عبد الله الديصانيّ سأل هشام بن الحكم فقال له : ألك ربّ؟ فقال : بلى. فقال : أقادر هو؟ قال : نعم قادر هو. قال : يقدر أن يدخل الدنيا كلّها في بيضة لا يكبّر البيضة ولا يصغّر الدنيا؟ قال هشام : النظرة. قال له : قد أنظرتك حولا ، ثمّ خرج عنه ، فركب هشام إلى أبي عبد الله عليه السلام فاستأذن عليه ، فأذن له ، فقال له : يا ابن رسول الله ، أتاني عبد الله الديصانيّ بمسألة ليس المعوّل فيها إلّا على الله وعليك. فقال له أبو عبد الله عليه السلام : عمّا ذا سألك؟ فقال : قال لي كيت وكيت. فقال عليه السلام : كم حواسّك؟ قال : خمس. قال : أيّها أصغر؟ قال : الناظر. قال : وكم قدر الناظر؟ قال : مثل العدسة أو أقلّ منها. فقال له : يا هشام ، فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى. فقال : أرى سماء وأرضا ودورا وقصورا وبراري وجبالا وأنهارا. فقال عليه السلام : إنّ الّذي قدر أن يدخل الّذي تراه العدسة أو أقلّ منها قادر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة ؛ لا يصغّر الدنيا ، ولا يكبّر البيضة ... (٢) إلى آخره.
__________________
(١) التوحيد : ١٣٠.
(٢) التوحيد : ١٢٢ مع اختلاف في بعض الألفاظ.