ابتداء بموادّه قبل أن خلقهم ، فكانوا في علمه أحياء يراهم قبل إيجادهم ، ثمّ أظهرهم فأعادهم الحياة المخلوقة ، فكانوا في ستره بعد الوفاة كما كانوا ، ثمّ ردّ عليهم الحياة الأبد فكانوا أحياء ، واتّصل الأبد بالأبد فصار أبدا في الآبد ـ إلى أن قال ـ قال الواسطيّ : من أحياه الله عند ذكره في أزله لا يموت أبدا ، ومن أماته في ذلك لا يحيا أبدا ، وكم حيّ غافل عن حياته ، وميّت غافل عن مماته. انتهى.
وحاصله أنّ المراد بالحياة تجلّي الحقّ على عبده بكشف الأستار ، وبالممات احتجابه عنه ، وحرمان العبد عن مشاهدة الأنوار ، ومن هنا قيل بالفارسيّة :
هرگز نميرد آنكه دلش زنده شد به عشق |
|
ثبت است بر جريده عالم دوام ما (١) |
وقد يقال : إنّ المراد بـ «الموت» الموت في الدنيا بالمعصية ، و «الحياة» الحياة في الآخرة بالطاعة.
وقد يقال : إنّ المراد بالموت موت العبد عن العلائق الجسمانيّة ، وعند ذلك يصير حيّا بالحياة الأبديّة ؛ كما قيل :
إذا شئت أن تحيا فمت عن علائق |
|
من الحسّ خمس ثمّ عن مدركاتها |
ومن هنا يظهر سرّ قوله :
__________________
(١) للشاعر حافظ الشيرازيّ.