اقتلوني يا ثقاتي إنّ في قتلي حياتي |
|
ومماتي في حياتي وحياتي في مماتي |
ولفظ الحياة في الآية وإن يشمل بإطلاقه حياة الله الّتي هي من الصفات الثبوتيّة ، إلّا أنّ قوله : (خَلَقَ) قرينة على إرادة غيرها ، فإنّ حياة الله ليست مخلوقة. كيف وهي كالعلم والقدرة عين الذات على ما هو الحقّ ، فإنّها عبارة عن صحّة اتّصافه بالقدرة والعلم ؛ كما صرّح به الحكماء وأبو الحسين البصريّ ؛ خلافا للأشاعرة ، فصرّحوا بأنّها صفة زائدة على ذاته ، مغايرة لهذه الصحّة. وهو كما ترى ، والدليل على حياته أنّه تعالى قادر عالم فيكون حيّا بالضرورة.
وعن المعتزلة : إنّ الحياة عبارة عن صفة تقتضي صحّة اتّصافه تعالى بالعمل والقدرة ، وإلّا لكان اختصاصه بها ترجيحا بلا مرجّح. وفيه : إنّ ذاته كاف في هذا التخصيص ممّا لا تتضمّن.
وكيف كان ، فلا يخفى أنّ قوله : (خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَياةَ) في قوّة قوله : «خلق الأشياء كلّها» كما قال : (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) (١) فإنّ الأشياء منحصرة في صنفين : الأحياء والأموات.
وبعبارة أخرى : هي إمّا ساكنة أو متحرّكة ولا ثالثة ، وإنّما قدّم الموت على الحياة مع أنّها أشرف ، وأنّ الموت طارئ عليها ووارد عليها ، وأنّه روي عن الباقر عليه السلام : إنّ الله خلق الجنّة قبل أن يخلق النار ، وخلق الطاعة قبل أن يخلق المعصية ، وخلق الرحمة قبل الغضب ، وخلق الخير قبل الشرّ ، وخلق الأرض قبل السماء ، وخلق الحياة قبل الموت ، وخلق الشمس قبل
__________________
(١) الزمر : ٦٢.