القمر ، وخلق النور قبل الظلمة (١).
إمّا لأنّ الموت أمر عدميّ ، والعدم سابق على الوجود. فتأمّل.
وإمّا لأنّ الموت في عالم الطبع مقدّم على الحياة بالطبع.
وإمّا لأنّ الاهتمام بذكر الموت في هذا المقام ؛ أي مقام ذكر المقدوريّة والمقهوريّة للخلق أشدّ ، فكان تقديم ما هو أقرب إلى ذلك أنسب ؛ كما في تقديم السنة على النوم في قوله : (لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ) (٢) وتقديم التجارة على اللهو في قوله : (وَإِذا رَأَوْا تِجارَةً أَوْ لَهْواً) (٣) والعكس في قوله : (خَيْرٌ مِنَ اللهْوِ وَمِنَ التِّجارَةِ) (٤).
قال البيضاويّ : وقدّم الموت لقوله : (وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ) (٥) ولأنّه أدعى إلى حسن العمل. انتهى (٦).
يعني أنّ الغرض من ذكر ذلك التهديد عن ارتكاب الشرور ، والترغيب في حسن العمل ، وارتكاب الخيرات ، فتقديم ذكر الموت الرادع عن المعاصي ، الحامل على الطاعات ، أنسب وأولى في المقام.
وفي مجمع البيان قيل : إنّما قدّم ذكر الموت على الحياة ، لأنّه إلى القهر أقرب ؛ كما قدّم البنات على البنين في قوله : (يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً) (٧) وقيل :
__________________
(١) الكافي ٨ : ١٤٥.
(٢) البقرة : ٢٥٥.
(٣ و ٤) الجمعة : ١١.
(٥) البقرة : ٢٨.
(٦) أنوار التنزيل وأسرار التأويل ٢ : ٥٠٩.
(٧) الشورى : ٤٩.