والعنصريّات ، فإنّها زمانيّة ومسبوقة بالهيولى ، وبالمبتدع إذا لم يكن مسبوقا بشيء منهما ؛ كالعقول والنفوس المجرّدة ، فإنّها سابقة على وجود الزمان والهيولى ، وبالمخترع إذا كان مسبوقا بالمادّة دون المدّة ؛ كالفلك والفلكيّات ، فإنّ المدّة قد حدثت بخلق الفلك ، فإنّها عبارة عن مقدار حركته المتأخّرة عن خلق جرمه وجسمه ، ولكنّه خلق من المادّة ، ففي رواية : إنّ الله كان عرشه على الماء ، ولم يخلق شيئا قبل الماء ، فلمّا أراد أن يخلق الخلق أخرج من الماء دخانا فارتفع فوق الماء فسما عليه فسمّاه سماء ، ثمّ أيبس الماء فجعله أرضا واحدة ، ثمّ فتقها فجعلها سبع أرضين في يومين ... (١) إلى آخره.
وفي أخرى في تفسير قوله : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ) (٢) فكان ذلك الدخان من تنفّس الماء حين تنفّس ، فجعلها سماء واحدة ، ثمّ فتقها فجعلها سبع سماوات في يومين ... إلى آخره.
ويدلّ على أنّ السماوات سبع قوله تعالى أيضا : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (٣) وقوله تعالى : (ثُمَّ اسْتَوى إِلَى السَّماءِ وَهِيَ دُخانٌ فَقالَ لَها وَلِلْأَرْضِ ائْتِيا طَوْعاً أَوْ كَرْهاً قالَتا أَتَيْنا طائِعِينَ فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحى فِي كُلِّ سَماءٍ أَمْرَها) ... (٤) إلى آخره.
وفي رواية مرويّة في «العلل» و «العيون» و «الخصال» : إنّ شاميّا سأل أمير المؤمنين عليه السلام فقال : ممّ خلق السماوات؟ قال : من بخار الماء.
__________________
(١) بحار الأنوار ٥٧ : ٢٠٤.
(٢) فصّلت : ١١.
(٣) البقرة : ٢٩.
(٤) فصّلت : ١١ و ١٢.