وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ * جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) (١). انتهى.
قال في الصافي : فإنّ الخشية ملاك الأمر والباعث على كلّ خير. انتهى.
وفي الحقائق : عن سهل في قوله : (ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ) الخشية سرّ ، والخشوع ظاهر.
قال عمرو المكّيّ : اشترط على الراضين الخشية في رضاه عنهم ، ولذلك أوجب لهم رضاه عنهم بأن يرضون عنه ، ويخشونه في رضاه عنهم ، ولا يكون ذلك إلّا بالاجتناب عن المحارم ، وعند موافقتهم لموافقته ؛ أي يكرهوا ما كره ، ويرضوا ما رضي. انتهى.
ويحتمل أن يراد بـ «الأجر الكبير» ما أشار سبحانه إليه في سورة «الرحمن» من قوله : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) ... (٢) إلى آخره.
وقد تقدّم أنّ المؤمن بين خوفين : خوف ما مضى ، وخوف ما بقي ، فيكون إحدى الجنّتين لخوف ما مضى ، والأخرى لخوف ما بقي.
وقال بعض العارفين : أي من خاف وهاب مقامه في مقام العتاب وتعيير ربّ الأرباب جنّتان : جنّة المشاهدة ، وجنّة المواصلة ، وجنّة المحبّة ، وجنّة المكاشفة جنّة المعرفة ، وجنّة التوحيد جنّة المقامات ، وجنّة الحالات جنّة
__________________
(١) البيّنة : ٧ ـ ٨.
(٢) الرحمن : ٤٦.