أهدى أم من يمشي سويّا ، يعني المؤمن المهتدي على صراط مستقيم ، أي : على شريعة طرق التوحيد. انتهى.
والمكبّ على الوجه هو المنكّس رأسه إلى الأرض بحيث لا يبصر الطريق ، ولا ينظر أمامه ، ولا يمينه ، ولا شماله ، شبّه به الكافر المقلّد الّذي لم يشمّ رائحة التحقيق ، فلا يدري أمحقّ هو أم مبطل ، فيميل مع كلّ ناعق ؛ كما شبّه المؤمن المحقّ الّذي سلك طريق الحقّ برهانه القاطع ، وعرف موارد الحقّ ببيانه الساطع ، بالبصير المستوي بقيامه يمشي على صراط مستقيم بحيث لا يعثر ولا يزلّ قدمه في طريق من طرقه.
وقيل : إنّ الكافر المكبّ على معاصي الله يحشره الله يوم القيامة على وجهه بخلاف المؤمن ، فإنّه يمشي على الصراط مستويا قائما.
وقيل : المراد بالأوّل أبو جهل ، وبالثاني رسول الله.
وقيل : حمزة بن عبد المطّلب عليه السلام (١).
قال في الكشّاف : فإن قلت : ما معنى «يمشي مكبّا على وجهه» وكيف قابل «يمشي سويّا على صراط مستقيم»؟
قلت : معناه : يمشي معتسفا في مكان معتاد غير مستو فيه انخفاض وارتفاع ، فيعثر كلّ ساعة فيخرّ على وجهه منكبّا ، [فحاله] نقيض حال من يمشي سويّا ؛ أي قائما سالما من العثور والخرور ، أو مستوي الجهة قليل الانحراف خلاف المعتسف الّذي ينحرف هكذا أو هكذا ... (٢) إلى آخره. انتهى.
__________________
(١) انظر : الكشّاف ٤ : ٥٨٢.
(٢) الكشّاف ٤ : ٥٨٢.