فقال : الشريف من كان له مال» (١) لأنّه عالي الرتبة بين من لم يملك مثله من المال ، ولا يختصّ بأمر ، بل كلّ من فاق بعض أبناء جنسه في شيء فهو شريف ، فقد شرّفه الله تشريفا علّاه ورفع درجته.
وقد يفرّق بينه وبين الحسب ، فإنّ الحسب : الشرف من قبل الآباء ، أي لآبائه شرف ومراتب عالية ، وشرف الرجل من نفسه ... إلى أن قال : ولزم من جميع ذلك أن يطأطئ كلّ شريف لشرفهم ؛ إذ ليس في الكون ممّا خلق الله شريف يفوقهم أو يساويهم ، بل كلّ من سواهم معلول لهم ... (٢) إلى آخره.
ومنها : أنّ المراد به نهر في الجنّة إعطاء الله لرسوله صلّى الله عليه وآله عوضا عن ابنه إبراهيم. كذا في التفسير الصادقيّ عليه السلام (٣).
ومنها : أنّ المراد به هو حوض النبيّ صلّى الله عليه وآله في عرصات المحشر ، والظاهر أنّه غير النهر الّذي أشرنا إليه ، لتصريح بعض الأخبار بأنّه في الجنّة ، وأنّه نهر يتفجّر منه جميع أنهار الجنّة.
وعن ابن عبّاس قال : لمّا نزل (إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ) صعد رسول الله صلّى الله عليه وآله المنبر فقرأها على الناس ، فلمّا نزل قال : يا رسول الله ، ما هذا الّذي أعطاك؟ قال : نهر في الجنّة أشدّ بياضا من اللبن ، وأشدّ استقامة من القدح ، حافتاه قباب الدرّ والياقوت ، ترده طير خضر لها أعناق كأعناق البخت ، قالوا : يا رسول الله ، ما أنعم تلك الطير! قال : أفلا أخبركم بأنعم
__________________
(١) صدر الحديث في مستدرك الوسائل ٨ : ٣٩٧ الحديث رقم ٩٧٨٤ مع ذيل آخر ، ومن طبعه القديم ٢ : ٧٤ عن المحاسن : ٣٢٨ الحديث رقم ٨٤.
(٢) شرح الزيارة ، للشيخ أحمد الإحسائيّ المطبوع على الحجر ، تبريز سنة ١٢٧٦ صفحة ٣٥٤.
(٣) تفسير نور الثقلين ٥ : ٦٨٠ عن مجمع البيان ١٠ : ٥٤٩ ، أيضا تفسير عليّ بن إبراهيم ٢ : ٤٤٥.