يظمأ أبدا (١). انتهى.
وفي رواية أنس قال : بينا رسول الله صلّى الله عليه وآله ذات يوم بين أظهرنا إذ غفا إغفاءة ثمّ رفع رأسه متبسّما فقلت : ما أضحكك يا رسول الله؟ قال : أنزلت عليّ آنفا سورة ؛ فقرأ سورة الكوثر ، ثمّ قال : أتدرون ما الكوثر؟ قلنا : الله ورسوله أعلم ، قال : فإنّه نهر وعدنيه عليه ربّي (٢) خيرا كثيرا ، وهو حوض ترد عليه أمّتي يوم القيامة ، آنيته عدد نجوم السماء ، فيختلج القرن منهم ، فأقول : يا ربّ إنّهم من أمّتي؟ فيقال : إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك (٣). انتهى.
أقول : لا منافاة بين التفسير بالنهر الواقع في الجنّة وبالحوض الواقع في العرصات كما عرفته ، وكذا لا منافاة بين التفاسير المتقدّمة ، حيث إنّها من أفراد الخير الكثير ، فهو كلمة جامعة لتمام ما قيل في المقام ، وإنّما الفرق بالإجمال والتفصيل. ويؤيّد ذلك ما في الكشّاف من أنّ ابن عبّاس (٤) فسّر الكوثر بالخير الكثير ، فقال له سعيد بن جبير : إنّ ناسا يقولون : هو نهر في الجنّة؟ فقال : هو من الخير الكثير (٥). انتهى.
ومن هنا قال الطبرسيّ رحمه الله في مجمع البيان : واللفظ يحتمل للكلّ ، فيجب أن يحمل على جميع ما ذكرنا من الأقوال ، فقد أعطاه سبحانه
__________________
(١) بحار الأنوار ٨ : ٢١ ، أمالي الشيخ الطوسيّ رحمه الله : ٢٢٨.
(٢) في المصدر : ربّي عليه.
(٣) مجمع البيان ١٠ : ٥٤٩ ، وأيضا راجع : مسند أحمد بن حنبل ٣ : ١٠٢.
(٤) راجع تنوير المقباس في تفسير ابن عبّاس ؛ المطبوع بهامش الدرّ المنثور ٦ : ٤٠٠.
(٥) الكشّاف ٤ : ٢٩١.