فيحتمل أن يكون المراد بالصلاة المأمور بها في المقام هو الفناء في ساحة الحقّ بكمال الخضوع والخشوع ، والإقبال بالكلّيّة على الحقّ ، وبالنحر : الفناء الكلّيّ المعبّر عنه بالفناء عن الفناء ، والاستغراق الكلّيّ في بحر الشهود ؛ بحيث لا يرى فيه سوى وجه الحقّ ؛ إذ كلّ شيء هالك إلّا وجهه.
قال في الكشّاف : والمعنى أعطيت ما لا غاية لكثرته من خير الدارين الّذي لم يعطه أحد غيرك ، ومعطي ذلك كلّه أنا إله العالمين فاجتمعت لك الغبطتان السنيّتان ؛ إصابة أشرف عطاء وأوفره من أكرم معط ، وأعظم منعم ، فاعبد ربّك الّذي أعزّك بإعطائه ، وشرّفك وصانك من منن الخلق مراغما لقومك الّذين يعبدون غير الله ، وانحر لوجهه (١) وباسمه ، مخالفا لهم في النحر للأوثان (٢). انتهى.
واختلف المفسّرون في الصلاة والنحر المأمور بهما ، فقيل : المراد بالصلاة : صلاة عيد الأضحى ، وبالنحر نحر الهدي والأضحية.
وقيل : كان النبيّ صلّى الله عليه وآله ينحر قبل الصلاة ، فأمر بأن يصلّي ثمّ ينحر.
وقيل : المراد بالصلاة : صلاة الصبح ؛ أمر بأن يصلّيهما بجمع ، أي : بالمزدلفة ، وينحر البدن بمنى.
وقيل : المراد بالصلاة : جنس الصلاة المفروضة ، وبالنحر : استقبال القبلة بالنحر.
__________________
(١) في المصدر زيادة : إذا نحرت.
(٢) الكشّاف ٤ : ٢٩٠ ـ ٢٩١.