العدد لا يقع على الواحد ؛ بل يقع على الاثنين ؛ فمعنى قوله «الله أحد» ؛ أي المعبود الّذي أله الخلق عن إدراكه والإحاطة بكيفيّته ، فرد بإلهيّته ، متعال عن صفات خلقه (١). انتهى.
وروى بسنده إلى المقدام ابن شريح بن هانئ عن أبيه قال : إنّ أعرابيّا قام يوم الجمل إلى أمير المؤمنين فقال : يا أمير المؤمنين ، أتقول إنّ الله واحد؟
قال : فحمل الناس عليه وقالوا يا أعرابيّ ، أما ترى ما فيه أمير المؤمنين من تقسّم القلب؟
فقال أمير المؤمنين : دعوه! فإنّ الّذي يريده الأعرابيّ هو الّذي نريده من القوم ، ثمّ قال : يا أعرابيّ ، إنّ القول في أنّ الله واحد على أربعة أقسام ، فوجهان منها لا يجوزان على الله عزّ وجلّ ، ووجهان يثبتان فيه ؛ فأمّا اللذان لا يجوزان عليه فقول القائل «واحد» يقصد به باب الأعداد ، فهذا ما لا يجوز ، لأنّ ما لا ثاني له لا يدخل في باب الأعداء ، أما ترى أنّه كفّر من قال : ثالث ثلاثة ، وقول القائل : هو واحد من الناس ، يريد به النوع من الجنس ، فهذا ما لا يجوز عليه لأنّه تشبيه ، وجلّ ربّنا عن ذلك وتعالى.
وأمّا الوجهان اللذان يثبتان فيه فقول القائل «هو واحد» ليس له في الأشياء شبه ، كذلك ربّنا ، وقول القائل : إنّه عزّ وجلّ أحديّ المعنى ؛ يعني به أنّه لا ينقسم في وجود ولا عقل ولا وهم ، كذلك ربّنا عزّ وجلّ (٢). انتهى.
قال الصدوق بعد ذكر هذا الحديث : سمعت من أثق بدينه ومعرفته
__________________
(١) انظر : بحار الأنوار ٣ : ٢٢١.
(٢) بحار الأنوار ٣ : ٢٠٦ ، التوحيد : ٨٣.