بل أقول : القول بالحذف هنا منويّا ومنسيّا غير حسن ، لأنّ الفعل دالّ على التجدّد والحدوث ، وكون «الحقّ» محمودا في زمان دون آخر غير مرضيّ ، بل كان محمودا في أزل الآزال وهو الكبير المتعال.
وما قاله الحكيم أيضا في حواشي «البهجة» عند خطبة الجلال السيوطيّ وهي «أحمدك اللهمّ على نعمك وآلائك ...» : فلمّا كان هذا الكتاب من النعم المتجدّدة ناسب أن يؤتى فيه بما يدلّ على الجدّيّة ، هذا بخلاف «كتاب الله» العزيز ، فإنّه قديم لم يحدث ولم يتجدّد ، فالاسميّة به أنسب ، غلط في مذهبنا الإماميّة ، لأنّ القرآن عندنا حادث ، ليس بقديم ، للأدلّة والبراهين الّتي ذكرناها في علم الكلام ، وهنا أبحاث كثيرة لا يسعها المقام.
ولو قلنا أنّ القول بالحذف وجعل «الحمد» مبتدأ أحسن ، لما فيه من الدلالة على أنّ حمده تعالى مصاحب لجميع الأزمنة ؛ محقّقة كانت أم مقدّرة ، سواء كان في الأزل أم في الحدوث ، يعني : أنّه كان محمودا حيث ما كان حامد وحيث كان ، لكان حسنا لكنّه غير محتاج إليه.
ونقل عن بعض كسر «الدال» ولا وجه له إلّا الاتّباع والمجاورة للام من الجلالة إن قلنا بجواز ذلك مطلقا ، وأمّا لو منعناه مطلقا أو قلنا بجواز الاتّباع للثاني في حركة الأوّل خاصّة لتبادر اتّباع هذا دون العكس ، فلا ، وكذا لو منعنا اتّباع المعرّب للمبنيّ للاختلاف بين حركتهما أو قلنا بتخصيص الاتّباع مع الضعف في كلمة واحدة ؛ كما قاله الطبرسيّ رحمه الله.
ونقل عن ابن جنّي أنّه قال : في كسر «الدال» وضمّ «اللام» هنا دلالة شديدة على شدّة ارتباط المبتدأ بالخبر ، لأنّه اتّبع فيهما ما في أحد الجزءين