وقوله «العالم في الوضع اللغويّ ... إلى آخره» مخالف لما قاله الطبرسيّ من أنّ العالم في عرف اللغة عبارة عن جماعة من العقلاء ، لأنّهم يقولون : جاء في عالم من الناس ، ولا يقولون في عالم من البقرة. انتهى.
ويمكن الجمع بأن يقال مراد الغزاليّ بالوضع اللغويّ هو ما تعارف في لغات الناس وألسنتهم ؛ كما أشار إليه الطبرسيّ بقوله : وفي المتعارف بين الناس عبارة عن جميع المخلوقات. انتهى.
وبقي هنا كلام آخر ، وهو أنّ العالم وضع للجميع ، فكيف يطلق على نوع منه؟
ويجاب بأنّ إطلاق العالم على مجموع أجزاء الكون يكون من باب إطلاق القرآن على كلّ سورة منه ، بل آية فيها ، وكإطلاق الماء على البحر الخاصّ ، فلذا يصحّ أن يقال في جمع «العالم» : «العوالم» كما يقال في «الماء» : «المياه».
فلو قيل : قد مرّ من كلام الطبرسيّ أنّه لا يقال جاء عالم من البقرة مع أنّها أيضا من أجزاء العالم ، فلا يصحّ القياس المذكور في القرآن والماء.
قلنا : أوّلا إنّا لا نسلّم عدم ذلك الإطلاق في غير العاقل.
وثانيا : إنّ تغليب استعمال العالم في بعض الأفراد المعظمة لا ينافي عدم جواز الاستعمال في الآخر ، كيف وقد نسب تربيته تعالى إلى العالمين وهم العقلاء على قول مع أنّ تربيته عامّة لجميع الممكنات ، فالتخصيص إمّا لشرافتهم وأفضليّتهم على الغير ، وإمّا للتغليب ، وهو مطّرد عند الفصحاء ، وإمّا لأنّ كلّا منهم بمنزلة العالم الكبير ؛ إذ كلّ ما اندرج فيه وجعل عليه فقد اندرج في العالم الصغير الّذي هو الإنسان الّذي كان نسخة للكبير ، فلذا قال مولى السالكين أمير المؤمنين عليه السلام :