ومنها : إنّه يقال مالك الدراهم ، ولا يقال ملك الدراهم.
والجواب أوّلا : إنّ ذلك العموم لا يكافي العموم في «ملك» وقد مرّ.
وثانيا بأنّ نسبة المالك إلى تلك الجزئيّات لا تدلّ على أمد حيّته في القراءة ؛ إذ الملك لا ينسب إلّا إلى المعظّم فيقال : ملك الدهر ، ولا يقال : مالك الدهر ، ويقال : ملك الزمان ، ولا يقال : مالكه ، ويوم الدين من الظروف الحقيقيّة ، فنسبة الملك إليه أولى من نسبة المالك ، على أنّ الملك أنسب بعد ذكر «الربّ» إذ هو بمعنى السيّد ، يقال : سيّد القوم أي عظيمهم وملكهم ، ومعنى السيّد هو الملك الّذي يجب طاعته ـ على ما قاله الكفعميّ وصاحب «العدّة».
فإرداف الملك للربّ المتقاربين في المعنى أولى من إردافه للمالك له ، وذلك أوفق بالمعنى ؛ إذ قوله تعالى : (رَبِّ الْعالَمِينَ) يدلّ على أنّه ملك أهل الدنيا وسلطانهم ، فيفتقر إلى ما يدلّ على أنّه ملك في الآخرة أيضا ، فأشار بقوله تعالى : ملك يوم الدّين إلى آخره.
فالأمدح في القراءة عندي هو «ملك» بدون الألف ولا «مالك» معها ، وإن كانا في حقّ الله تعالى على سواء ؛ إذ مالكيّته عين ملكيّته على الأقوى ؛ وفاقا لابن حاتم أيضا ـ على ما نقل عنه الكفعميّ في «الرسالة الواضحة» ـ وذلك أي الأمدحيّة إنّما هي باعتبار المناسبة الظاهريّة وهو أحسن. فليتأمّل.
ومنها : إنّ المالك للشيء يلزم كونه مملوكا له ، والملك قد لا يكون مالكا كما يقال هو ملك العرب أي سلطانهم غير كونهم في ملكه ، فلو قرأ «ملك» لم يمحّض الدلالة على أنّ الخلق مملوكه.