.................................................................................................
______________________________________________________
التخيير بين تقديم أيّهما شاء من الزكاة أو الصدقة.
القرعة.
أمّا الأخير : فلا مجال لها في المقام بتاتاً ، لا لاحتياج العمل بدليل القرعة إلى الجابر وهو عمل الأصحاب إذ لا قصور في حجّيّته ليحتاج إلى الجبر ، ولا يلزم من الأخذ بعمومه تخصيص الأكثر.
لأنّ الشبهات الحكميّة بأسرها غير داخلة من الأوّل ليحتاج خروجها إلى التخصيص ، نظراً إلى أنّ موردها خصوص الشبهات الموضوعيّة ، فهي في حدّ ذاتها قاصرة الشمول للشبهات الحكميّة كما لا يخفى.
وأمّا الشبهات الموضوعيّة المعلوم حكمها ولو ظاهراً بأصلٍ أو أمارة من استصحابٍ أو بيّنةٍ أو يدٍ ونحو ذلك فهي أيضاً غير داخلة ، لعدم كونها من المشكل ولا المشتبه ، فلم يبق تحتها إلّا الشبهات الموضوعيّة غير المعلوم حكمها رأساً ، وهي قليلة جدّاً ، فلا يلزم من الأخذ بعموم دليل القرعة تخصيص الأكثر بوجه.
بل لأجل أنّ الشبهة في المقام شبهة حكميّة ، إذ لم يعلم حكم صورة المقارنة في الشريعة المقدّسة ، وقد عرفت آنفاً أنّ مثل ذلك غير مشمول لدليل القرعة في نفسه.
وأمّا التخيير : فإن أُريد به التخيير الثابت في باب التعارض ، فيرد عليه :
أوّلاً : إنّ المقام ليس من باب التعارض في شيء ، لعدم انطباق ضابطه عليه ، فإنّ مناط المعارضة على ما تقرّر في محلّه (١) التنافي بين الدليلين وتكاذبهما في مقام الجعل ، بحيث لا يمكن اجتماعهما في الشريعة المقدّسة في أنفسهما ، مع قطع
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٥٠١ ٥٠٢.