.................................................................................................
______________________________________________________
فالتساقط والرجوع إلى دليلٍ آخر من عمومٍ أو إطلاق إن كان ، وإلّا فإلى الأصل العملي.
وثالثاً : إنّ التخيير على تقدير تسليمه خاصٌّ بالمتعارضين بالتباين ، دون ما كان بالعموم من وجه كما في المقام ، لكون التعارض حينئذٍ بين إطلاق الدليلين لا بين السندين ، ولذا يجري حتى في مقطوعي الصدور ، فلو فرضنا أنّا سمعنا من الباقر (عليه السلام) أنّه : أكرم كلّ عالم. وسمعنا عن الصادق (عليه السلام) أنّه : لا تكرم كلّ فاسق. فلا محالة يتعارضان في العالم الفاسق ، فلا مناص من التساقط والرجوع إلى دليلٍ آخر إن كان ، وإلّا فإلى ما تقتضيه الأُصول العمليّة.
هذا كلّه لو أُريد به التخيير في باب التعارض.
وإن أُريد به التخيير الثابت في باب التزاحم كما ظهر تقريره ممّا مرّ فله وجهٌ في بادئ الأمر ، إلّا أنّ التحقيق خلافه ، نظراً إلى التمكّن من الجمع بين التكليفين وامتثال كلا الأمرين من غير أيّ مزاحمة في البين ، وذلك لما أشرنا إليه سابقاً ويأتي تفصيله إن شاء الله تعالى لاحقاً (١) من أنّ الزكاة وإن كانت متعلّقة بالعين إلّا أنّها بنحو الشركة في الماليّة لا في العين نفسها ، ولذا كانت له الولاية على التبديل ويجوز له الأداء من مالٍ آخر نقداً أو ولو عيناً على الخلاف.
وعليه ، فالجمع بين دليلي الزكاة والوفاء بمكانٍ من الإمكان ، فيدفع الزكاة أوّلاً من مالٍ آخر ، لتخلص العين من الحقّ ، ثمّ يصرفها في الوفاء عن النذر ، كما تقدّم نظيره فيما لو انعقد النذر بعد حلول الحول ، حيث عرفت لزوم الجمع حينئذٍ بين الزكاة من مالٍ آخر وبين الصدقة (٢).
وممّا ذكرنا تعرف أنّ مقتضى القاعدة : الجمع بين الأمرين بدفع الزكاة من
__________________
(١) في ص ١٠٢ وسيأتي تفصيله في ص ١٨٧ ١٨٨.
(٢) في ص ١٠٢.