.................................................................................................
______________________________________________________
الأحكام (١)؟!
أضف إلى ذلك كلّه : قيام سيرة المسلمين قاطبةً خَلَفاً عن سلف على عدم مؤاخذة الكفّار حتى الذمّي منهم بشيءٍ من الأحكام ، فلا يؤمَرون بالصلاة ولا بالصيام ولا بالحجّ ، كما لا يُنهَون عن شرب الخمر أو القمار أو الإفطار في شهر رمضان ، ولا تجري عليهم الحدود إلّا فيما دلّ عليه دليلٌ بالخصوص ، مع أنّهم لو كانوا مكلّفين بالفروع لوجب ذلك ولو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
فالحقّ : أنّ الكفّار غير مكلّفين إلّا بالأُصول ، ولم يوضع عليهم قلم التكليف بالفروع التي منها الزكاة إلّا بعد اعتناق الإسلام ، فيؤمَرون عندئذٍ بسائر الأحكام ، وأمّا قبل ذلك فهم يقرّون على أديانهم ومذهبهم.
نعم ، لا يسوغ لهم الإجهار بالمنكرات في بلد المسلمين كشرب الخمر علناً ونحو ذلك ، ويُردعون عن ارتكابها ، حفظاً لشعائر الإسلام. وهذا مطلبٌ آخر غير مرتبط بمحل الكلام.
ولم يُنقَل في تأريخٍ أو روايةٍ عن النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أو أحد المعصومين
__________________
(١) هكذا ذكره في الحدائق [٣ : ٤٠] أيضاً ، بزيادة توصيف الأحكام بأنّها متلقّاة من الإمام (عليه السلام).
ولكنّه يمكن إبداء الفارق بأنّ الإذعان بالولاية بمعناها الخاصّ متقوّم في جوهر ذاته بالإذعان بالرسالة ، فإنّ معرفة الإمام بوصفه العنواني تتوقّف في تكوينها الخارجي على معرفة الإسلام كما أُشير إلى ذلك في نفس الصحيحة ، وليس كذلك سائر الأحكام ، فلا تقاس بقيّة الفروع بمثل هذا الفرع الذي يعدّ من العقائد ومن أُصول المذهب ، وأمّا التلقّي من الإمام فلا يطّرد في جميع الفروع ، فلاحظ.