.................................................................................................
______________________________________________________
ومن الواضح أنّ الممتنع بالاختيار لا ينافي الاختيار عقاباً وإن نافاه خطاباً ، فالتكليف وإن كان ساقطاً بمناط امتناع خطاب العاجز إلّا أنّ الملاك الفعلي الملزم موجود ، وتفويته مستوجب للعقاب بحكومة العقل ، ولأجله لا مانع من تعلّق الزكاة كالقضاء بالكافر كالمسلم بمناطٍ واحد.
ويندفع : بأنّ هذا وإن كان ممكناً ثبوتاً إلّا أنّه عارٍ عن الدليل في مرحلة الإثبات ، إذ لا طريق لنا إلى استعلام ملاكات الأحكام من غير ناحية الأوامر أنفسها ، والمفروض امتناع تعلّق الأمر في المقام ، لعدم قبوله للامتثال في حالٍ من الحالات كما عرفت ، ومعه كيف يستكشف تحقّق المناط والملاك ليكون تفويته المستند إلى سوء الاختيار مستوجباً للعقاب؟! وهل يمكن دلالة قوله تعالى (وَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ. الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكاةَ) (١) ولو مع الغضّ عن ذيلها على ثبوت الأمر بالزكاة الذي هو أمرٌ مستحيل كما عرفت؟!
وأُخرى : بأنّ دليل التكليف بالزكاة وإن كان قاصر الشمول بالإضافة إلى الكافر كما ذكر ، إلّا أنّ أدلّة الوضع التي مرجعها إلى شركة الفقراء معه في المال غير قاصر الشمول له ، لعرائه عن أيّ محذور ، ونتيجته جواز انتزاع المال منه قهراً أو اختياراً.
ويندفع أيضاً : بما مرّ مراراً من عدم الإطلاق في هذه الأدلّة ، لعدم كونها في مقام البيان إلّا من ناحية المقدار بعد الفراغ عن أصل تعلّق الزكاة وأنّها في أيّ مورد ثبتت فمقدارها هكذا ، وأمّا أنّها في أيّ مورد تثبت وتجب وفي أيّ مورد لا تجب فليست في مقام البيان من هذه الناحية أبداً ليُتمسّك بإطلاقها ويُدّعى شمولها للكافر.
__________________
(١) فصّلت ٤١ : ٦ ، ٧.