.................................................................................................
______________________________________________________
من باب التزاحم في شيء ، ولكن بما أنّا علمنا من الخارج أنّ المال الواحد لا يزكّى في عام من وجهين فلأجله نعلم إجمالاً بكذب أحد الدليلين وانتفاء الإطلاق في أحد النصابين ، بحيث إنّ صدق كلٍّ منهما مستلزمٌ لكذب الآخر ، فكان بينهما التعاند والتكاذب في مقام الجعل عرضاً وإن لم يكن كذلك ذاتاً.
وعليه ، فلا ينبغي التأمّل في كون المقام من باب التعارض كما ذكرناه.
ومن الغريب ما أفاده شيخنا الأُستاذ (قدس سره) من إدراج المقام في باب التزاحم (١) ، مع أنّه المشيّد لتوضيح الفرق بين البابين.
ثمّ إنّا لو بنينا على أنّ المقام من صغريات هذا الباب كان اللازم الرجوع إلى مرجّحات التزاحم من الأهمّية جزماً أو احتمالاً وغير ذلك ، ومع التكافؤ فالمرجع التخيير بحكومةٍ من العقل على ما هو المقرّر في هذا الباب.
وأمّا بناءً على ما عرفت من إدراجه في باب التعارض ، فاللازم الرجوع إلى المرجّحات السنديّة إن كانت ، وإلّا فالتساقط دون التخيير ، لضعف مستنده حسبما بيّناه في الأُصول في باب التعادل والتراجيح (٢) ، فيرجع بعد التساقط إلى دليلٍ آخر من إطلاقٍ إن كان ، وإلّا فالأصل العملي ومقتضاه في المقام أصالة الاحتياط ، إذ بعد تساقط الدليلين نعلم إجمالاً بوجوب زكاةٍ في البين مردّدة بين النصاب الأوّل والثاني ، فيلزمنا الجمع بينهما عملاً بالعلم الإجمالي غير المنافي لما دلّ على أنّ المال الواحد لا يزكّى في عام واحد مرّتين ، لعدم التنافي بين الحكم الواقعي والظاهري كما هو ظاهر.
ولعلّ هذا هو مستند الفتوى بالجمع في المقام كما تقدّم نقله عن بعض (٣) ،
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٢٨٥.
(٢) محاضرات في أُصول الفقه ٣ : ٢١٣ ٢١٦.
(٣) في ص ٢٣٧.