التو فيرسل الوزير مندوبين له إلى المدن الإيرانية ليكلم التجار واصحاب الثروة في الامر.
فيبدى الحذّاء المذكور استعداده لتحمل كل نفقات الجيش لوحده الاّ انه اشترط ذلك بان يسمحوا لولده الوحيد الراغب في تحصيل العلم جداً ان يتعلم.
فاستحقر الوزير شرطه ووعده بالانجاز ، والسماح لولده بالتعلم وتحصيل العلم ، ثم عرض الامر على الملك انوشيروان وهو يأمل في ان يتجاوب الملك مع رغبة الحذّاء وطلبه الصغير إذا ما قيس بما سيعطيه من اموال طائلة في تلك الاوضاع الحرجة.
ولكن الملك استشاط غضباً لهذا الطلب ، ونهر الوزير قائلا : دع هذا ، ما أسوأ ما تطلبه ، ان هذا لا يمكن ان يكون ، لان ابن الحذّاء بخروجه من وضعه الطبقي يهدم التقليد الطبقّي المتبع ، فينفرط بذلك عقد الدولة ، ويكون ضرر هذا المال علينا اكثر من نفعه ، وشره اكثر من خيره.
ثم إنّ الفردوسي يعمد إلى شرح المنطق الميكافيلي حكاية عن لسان انوشيروان إذ يقول ناظما ذلك في ابيات (١) :
وإذا اصبح ابن الحذّاء عالماً كاتباً عارفاً فعندما يجلس ولدنا على مسند الحكم والسلطنة واحتاج إلى كاتب ، فانه سيضطر إلى الاستعانة بابن ذلك الحذّاء ـ الكاتب ـ ( وهو من عامة الشعب ومن ابناء الطبقة الدنيا وفي حين جرت عادتنا إلى الآن على أن نستعين بابناء الاشراف والنبلاء لا أبناء الطبقة الدنيا )!!!
وإذا حصل ابن الحذّاء وبائع الاحذية على العلم والمعرفة أعاره العلم والمعرفة حينئذ عيوناً بصيرة ، وآذاناً سميعة فيرى حينئذ ما يجب أن لا يراه ،
__________________
١ ـ وإليك هذه الأبيات باللغة الفارسية :
چو بازارگان بچه گردد دبير |
|
هنرمند وبا دانش وياد گير |
چو فرزند ما برنشند به تخت |
|
دبيرى ببايدش پيروز بخت |
هنر بايد از مرد موزه فروش |
|
سپارد بدو چشم بينا وگوش |
بدست خردمند مرد نژاد |
|
نماند جز از حسرت وسرد باد |