الهزيمة أو الانتصار ـ مات « انوشيروان » وخلفه في إدراة البلاد ابنه « خسرو برويز ».
وقد حمل هذا الأخير على الروم ايضاً ، وذلك عام (٦١٤) بحجج معينة ، وفتح في أول حملة من حملاته : بلاد الشام وفلسطين وأفريقية ونَهب اورشليم ، وأحرق كنيسة القيامة ومزار السيّد المسيح عليهالسلام وهدم المدن ، ودمرها.
وقد انتهت هذه الحرب بعد مقتل تسعين الف من النصارى لصالح الإيرانيين.
في مثل هذه المرحلة الّتي كان فيها العالمُ المتحضر آنذاك يحترق ـ في نيران الحروب والظلم ، بُعِث رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالرسالة الإسلامية ، وبلغ نداؤه المحيي للنفوس والعقول سمع البشرية ، وقام يدعو الناس إلى الصلح والسلم ، وإلى النظم والامن.
ولقد أدّى انهزامُ الروميين المتدينين ، المؤمنين باللّه على أيدي المجوس الكفار ، عبدة النار ، إلى ان يتفاءل اهل مكة الوثنيون بهذا الحدث ، ويحدّثوا ( ويمنّوا ) أنفسهم بالانتصار على المسلمين المؤمنين باللّه عما قريب ، وانطلقوا يرددون هذه الاُمنية أمام المسلمين وهم يحاولون بها إضعاف معنويّاتهم ، وزعزعة إيمانهم ، الامر الّذي أقلق المسلمين.
ولم يتخذ النبيُ صلىاللهعليهوآلهوسلم موقفاً تجاه هذه الظاهرة انتظاراً لما سينزل به عليه الوحيُ إلى ان نزلت آيات في هذا المجال هي الآيات الاُولى من سورة الروم الّتي تقول : « الم ، غُلِبَتِ الرُّوْم في أدْنى الأَرْض وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غلَبهِمْ سَيَغْلِبُونَ في بِضْع سنين للّه الأمرُ منْ قبْل وَمن بَعْد وَيَوْمئذ يَفْرَحُ الْمُؤمِنُونَ بَنَصْر اللّه يَنصُرُ مِنْ يَشاء وَهُوَ الْعَزيزُ الرَّحيمُ. وَعَدَ اللّهِ لا يُخْلِفُ اللّه وَعْدَهُ وَلكِنَّ اكْثَر النّاسِ لا يَعْلَمُون » (١).
وقد تحقّقت نبوءة القرآن هذه حول الروم في عام ( ٦٢٧ ميلادية ) حيث
__________________
١ ـ الروم : ١ ـ ٦.