إلاّ في اهلها ، وحسب هذا الاتفاق بقيت « سلمى » مع زوجها « هاشم » في مكة بعض الوقت حتّى إذا ظهر عليها آثار الحمل رجعت إلى : « يثرب » وهناك وضعت ولداً اسموه « شيبة ». وقد اشتهر في ما بعد ب « عبد المطلب ».
وكتب المؤرخون في علة تسميته بهذا الاسم بأن هاشماً لما أحسّ بقرب انصرام حياته قال لاخيه « المطلب » : يا أخي أدرك عبدك شيّبة. ولذلك سُمّيَ شيبة بن هاشم : « عبد المطلب ».
وقيل أن أحد المكيين مرّ على غلمان يلعبون في زقاق من ازقة يثرب ، وينتضلون بالسهام ، ولما سبق أحدُهم الآخرين في الرمي قال مفتخراً : « أنا ابنُ سيّد البطحاء » فسأله الرجل عن نسبه وابيه فقال : أنا شيبة بن هاشم بن عبد مناف ، فلما قدم الرجلُ مكة اخبر « المطلب » أخي « هاشم » بما سمعه ورآه ، فاشتاق « المطلبُ » إلى ابن أخيه فذهب إلى المدينة ، ولما وقعت عيناه على ابن اخيه « شيبة » عرف شبه أخيه هاشم ، وتوسَّم فيه ملامحه ، ففاضت عيناه بالدموع ، وتبادلا قُبُلات الشوق ، والمحبة ، وأراد أن ياخذه معه إلى « مكة » وكانت اُمُه تمانع من ذلك ، ولكن ممانعتها كانت تزيد من عزم العمّ على أخذه إلى « مكة » واخيراً تحققت اُمنية العم فقد استطاع « المطلبُ » أن يحصل على اذن اُمه ، فاردفه خلفه وتوجّه حدب « مكة » تدفعه رغبة طافحة إلى إيصاله إلى والده هاشم.
وفعلت شمسُ الحجاز واشعتها الحارقة فعلتها في هذه الرحلة فقد غيَّرت لون وجه شيبة وأبلت ثيابه ، ولهذا ظنَّ أهل « مكة » عند دخوله مع عمه « مكة » أنه غلام اقتناه « المطلبُ » فكان يقول بعضهم لبعض : هذا عبد المطلب ، وكان المطلب ينفي هذا الامر ، ويقول : إنما هو ابن أخي هاشم وما هو بعبدي ، ولكن ذلك الظن هو الآخر فعل فعلتَه ، وعُرف « شيبة » بعبد المطلب (١).
وربما يقال : أن سبب شهرته بهذا الإسم هو انه تربى وترعرع في حجر عمّه
__________________
١ ـ الكامل لابن الاثير : ج ٢ ، ص ٦ ، وتاريخ الطبري : ج ٢ ، ص ٨ و ٩ ، السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ٦.