« ذونواس » من قتل في الاُخدود لاجل العود عن النصرانية أفلَت منهم رجلٌ يقال له « دوس » فقدم على « قيصر » فاستنصره على « ذي نواس » وجنوده واخبره بما فَعل بهم ، فقال له قيصر : بعدت بلادك عنا ، ولكن ساكتبُ إلى النجاشي ملك الحبشة وهو على هذا الدين وقريب منكم ، فكتب قيصر إلى ملك الحبشة يأمره بنصره ، فارسل معه ملكُ الحبشة سبعين الفاً ، وأمّر عليهم رجلا يقال له « أرياط » وفي جنوده « ابرهة الأشرم » فساروا في البحر حتّى نزلوا بساحل اليمن ، وجمع « ذونواس » جنوده فاجتمعوا وكتب إلى زعماء قومه من اهل اليمن يدعوهم إلى الاجتماع لمقاتلة عدوّهم ، فلم يجيبوه ، فانهارت حكومته أمام حملة جيش الحبشة ، وسيطر الاحباش على أرض اليمن ، وجُعِلَ « أبرهة » اميراً عليها من قِبَل « النجاشي » بعد مقتل « ارياط » على يد « أبرهة » في صراع السلطة (١).
وهذه القصة هي الّتي تعرف في القرآن الكريم بقصة « اصحاب الاُخدود » وقد جاء ذكرها في سورة البروج إذ يقول اللّه تعالى : « قُتِلَ أصحابُ الاُخدود. النار ذات الوقود. إذْهُم عَليها قُعُودُ. وهُم عَلى ما يَفعَلُون بالْمؤمنين شُهُودٌ. وما نَقمُوا مِنْهُم إلا أَنْ يُؤمنُوا باللّه العزيز الْحَميد. الَّذي لَهُ مُلك السماواتِ وَالارضِ واللّهُ عَلى كُلِّ شَيء شَهِيد » (٢).
وقد ذكر المفسرون هذه القصة في شأن نزول هذه الآيات بصورة مختلفة (٣).
ثم ان « ابرهة » الّذي اسكره الانتصار والغلبة على منافسه ، وتمادى في الشهوات بنى في صنعاء كنيسة عظيمة تقرّباً إلى ملك الحبشة ، وارضاء له ثم كتب كتاباً إلى « النجاشي » ملك الحبشة يقول فيه : « إني قد بَنيتُ لك ايها الملك كنيسة لم يُبن مثلها لملك كان قبلك ، ولست بمُنْته حتّى اصرف اليها حج العرب ».
__________________
١ ـ الكامل في التاريخ : ج ١ ، ص ٢٦٠ ـ ٢٦٣ ، والسيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١ ـ ٣٧.
٢ ـ البروج : ٤ ـ ٩.
٣ ـ راجع مجمع البيان : ج ٥ ، ص ٤٦٤ ـ ٤٦٦.