إنتظار قريش :
ولقد انتظرت قريش عودة « عبد المطلب » من معسكر « ابرهة » بفارغ الصبر لتعرفَ نتيجة ما دار بينه وبين أبرهة ، وعندما عاد « عبد المطلب » اخبرهم الخبر ، وامرهم بالخروج معه من مكة ، والتحرز في رؤوس الجبال من معرّة الجيش فخرجوا إلى الشعاب ، والجبال ، ثم لما كان الليل نزل عبد المطلب مع جماعة من قريش إلى الكعبة واخذ بحلقة بابها يدعون اللّه ويستنصرونه على أبرهة وجنده وقال « عبد المطلب » مناجياً اللّه سبحانه : « اللَّهُم أنتَ أنيسُ المستَوْحشين ولا وحشة معك فالبيت ، بيتُك والحرمُ حرمك والدارُ دارُك ونحن جيرانك تمنعُ عنه ما تشاء وربُ الدار أولى بالدار » ثم قال :
لاهمّ إن (١) العبد يمنع رَحـ |
|
ـله فامنع حِلالك (٢) |
لا يغلِبنَّ صليبُهم |
|
ومحالهم عَدواً مِحالَك (٣) |
وقال ايضاً :
يا ربِّ لا أرجُولهم سواكا |
|
يا ربِّ فامنَع مِنهُمو حِماكا |
إن عدوَّ البَيتِ مَن عادكا |
|
إمَنعهُمُ أن يخربُوا فِناكا |
ثم انه ترك حلقة الباب ، ولجأ إلى الجبل لينظروا ما سيجري.
وفي الصباح وعندما كان « أبرهة » وجنده يستعدون للتوجه إلى « مكة » ، وإذا باسراب من الطيور تظهر من جهة البحر يحمل كل واحد منها ثلاثة احجار ، حجر في منقاره ، وحجرين في رجليه ، فاظلم سماء الجيش بتحليق تلك الطيور فوق رؤوس الجند ، وتركت تلك الاحجار الصغيرة الحقيرة في ظاهرها اثرها العجيب فقد رجمت تلك الطيور جنود « ابرهة » بتلك الاحجار بامر اللّه ، فكانت لا تصيب منهم أحداً إلاّ تحطم رأسَه ، وتمزق لحم بدنه ، وهوى صريعاً ،
__________________
١ ـ لاهم أصلها : اللّهم والعرب تحذف الالف واللام وتكتفي بما بقي.
٢ ـ الحلال جمع حلة وهي جماعة البيوت.
٣ ـ المحال : القوّة والشدّة.