هذا المقام.
قال صلىاللهعليهوآلهوسلم :
« لقد شَهدْتُ في دار عبد اللّه بن جدعان حلفاً لو دُعيتُ به في الإسلام لأجبتُ ».
كما أن ابن هشام نقل في سيرته أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم كان يقول في ما بعد عن هذا الحلف : « ما اُحبُّ أنَّ لي به حُمُرَ النِعَم ».
ولقد بقي هذا الحلف يحظى بمكانة واحترام قويّين في المجتمع العربي والإسلامي حتّى أن الأجيال القادمة كانت ترى من واجبها الحفاظ عليه والعمل بموجبه ، ويدل على هذا قضيةٌ وقعت في عهد إمارة « الوليد بن عتبة » الأموي (١) على المدينة.
فقد وقعت بين الإمام الحسين بن علي عليهالسلام وبين أمير المدينة هذا منازعة في مال متعلّق بالحسين عليهالسلام ، ويبدو أنَ « الوليد » تحامل على الحسين في حقه لسلطانه ، فقال له الإمامُ السبط الّذي لم يرضخ لحيف قط ، ولم يسكت على ظلم أبداً :
« أَحلِفُ باللّه لتَنْصِفَنّي مِنْ حَقّي ، أوْ لآخُذَنَّ سَيْفيْ ثمَّ لأَقُومَنَّ في مَسجد رَسُول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ثمَّ لأَدْعُونَّ بِحلفِ الفُضُول » (٢).
فاستجاب للحسين فريقٌ من الناس منهم « عبد اللّه بن الزبير » ، وكرّر هذه العبارة وأضاف قائلا : وأنا أحْلِفُ باللّه لئن دعا به لآخُذَنَّ سَيْفي ثُمّ لأَقُومَنَّ مَعه حتّى يُنْصَفَ مِنْ حَقّهِ أوْ نَمُوتَ جَميعْاً.
وبلغت كلمة الحسين السبط عليهالسلام هذه إلى رجال آخرين ك « المسورة بن مخرمة بن نوفل الزُهري » و « عبد الرحمان بن عثمان » فقالا مثل ما قال « ابن الزبير » ، فلما بلغ ذلك « الوليد بن عتبة » أنصف الحسين عليهالسلام من حقه حتّى رضي (٣).
__________________
١ ـ من قبل عمّه معاوية.
٢ ـ السيرة الحلبية : ج ١ ، ص ١٣٢.
٣ ـ البداية والنهاية : ج ٢ ، ص ٢٩٣.