فيها من عمه من الحدب والعناية.
وعند ما اقتربت قافلة قريش إلى « مكة » ، وصارت عند مشارفها ، التفت « ميسرة » غلامُ خديجة ، إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : « يا محمَّد لقد ربحنا في هذه السفرة ببركتك ما لم نربح في اربعين سنة ، فاستقبل بخديجة وابشرها بربحنا » فأخذ النبي باقتراح ميسرة ، وسبق القافلة العائدة في الدخول إلى مكة ، وتوجه نحو بيت « خديجة » بينما كانت خديجة جالسة في غرفتها ، فلما رأت النبي مقبلا عليها ، نزلت من منظرتها وركضت نحوه واستقبلته ، وأدخلته في غرفتها ، فخبّرها رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بما ربحوا ، ببيان جميل ، وكلام بليغ ، فسرت « خديجة » بذلك سروراً عظيماً ، ثم قدم « ميسرة » في الأثر ، ودخل عليها ، وأخبرها بكل ما رآه وشاهده من النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم في تلك السفرة من الكرامة والخير ، والخُلق العظيم ، والخصال الكريمة ، ومن الاُمور الّتي كانت برمتها تدل على عظمة شخصيته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وسمو خصاله (١) ، ومن جملة ما حدثها به ميسرة هو أنه لما وقع بين النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وبين رجل تلاح وجدال في بيع قال له ذلك الرجل : إحلف باللات والعُزى ، فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : ما حلفتُ بهما قط ، وإني لأمرُّ فاعرضُ عنهما (٢).
وحدثها أيضاً بأنه لما مرّ ببصرى نزلا في ظل شجرة ليستريحها فقال راهبٌ كان يعيش هناك لما رأى النبيّ يستريح في ظل تلك الشجرة : « ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبيّ » سأل عن اسمه ، فأخبره ميسرة باسمه فقال : « هو نبيّ وهو آخر الأنبياء ، إنه هو هو ومُنزّلِ الانجيل ، وقد قرأت عنه بشائر كثيرة » (٣).
__________________
١ ـ الخرايج : ص ١٨٦ ، بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٥.
٢ ـ الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٣٠ وفي بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ١٨ : انه صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : إليك عني ثكلتك اُمّك فما تكلّمت العربُ بكلمة اثقل عليَّ من هذه الكلمة.
٣ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ١٨ ، الطبقات الكبرى : ج ١ ، ص ١٣٠ ، الكامل لابن الأثير : ج ٢ ، ص ٢٤ و ٢٥.