ثانياً : ان المؤرخ الأقدم المعروف باليعقوبي كتب في تاريخه : ان النبي ما كان أجيراً لأحد قط (١).
ثالثاً : ان الجنابذي صرّح في كتابه « معالم العترة » بأن « خديجة » كانت تضاربُ الرجال في مالها ، بشيء تجعله لهم منه ( اي من ذلك المال أومن ربحه ) (٢).
* * *
تهيّأت قافلة قريش التجارية للسفر إلى الشام ، وفيها أموال « خديجة » أيضاً ، في هذه الاثناء جعلت « خديجة » بعيراً قوياً وشيئاً من البضاعة الثمينة تحت تصرّف وكيلها ( أي النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ) وامرت غلاميها ( ميسرة وناصح ) اللذين قررت ان يرافقاه صلىاللهعليهوآلهوسلم بان يمتثلا أوامراه ، ويطيعاه ، ويتعاملا معه بأدب طوال تلك الرحلة ، ولا يخالفاه في شيء (٣).
وأخيراً وصلت القافلة إلى مقصدها واستفاد الجميع في هذه الرحلة التجارية أرباحاً ، إلا أن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ربح اكثر من الجميع ، كما أنه ابتاع أشياء من الشام لبيعها في سوق « تهامة ».
ثم عادت تلك القافلة التجارية إلى « مكة » بعد ذلك المكسب الكبير ، والحصول على الربح الوفير.
ولقد تسنيّ لفتى قريش « محمَّد » أن يمرّ ـ للمرة الثانية في هذه السفرة ـ على ديار عاد وثمود.
وقد حمله الصمتُ الكبير الّذي كان يخيّم على ديار واطلال تلك الجماعة العاصية المتمردة في نقلة روحانية إلى العوالم الاُخرى اكثر فاكثر ، هذا مضافاً إلى أن هذه الرحلة جدّدت خواطره وذكرياته في السفرة الاُولى ، فقد تذكّر يوم طوى مع عمه « ابي طالب » هذه الصحاري نفسها وهذه القفار ذاتها ، وما كان يحظى
____________
١ ـ تاريخ اليعقوبي : ج ٢ ، ص ٢١.
٢ ـ بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٩ نقلا عن معالم العترة.
٣ ـ قالت خديجة لهما : إعلما أنني قد أرسلتُ اليكما أميناً على أموالي وأنّه أمير قريش وسيّدها ، فلا يدٌ على يده ، فإن باع لا يُمنع وإن ترك لا يؤمر وليَكُنْ كلامُكما له بلطف وأدب ولا يعلو كلامكما على كلامه. ( بحار الأنوار : ج ١٦ ، ص ٢٩ ).