عن الفراء (١).
وعلى هذا لم يكن للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم اي رجاء لالقاء الكتاب إليه ، وانما فاجأه الالقاء لأجل رحمة ربه.
ولكن لا يصار إلى هذا الوجه إلاّ إذا امتنع كون الاستثناء متصلا لكون الانقطاع على خلاف الظاهر.
٢ ـ ان يكون « إلاّ » للاستثناء لا للاستدراك وهو متصل لا منقطع ، ولكن المستثنى منه جملة محذوفة معلومة من سياق الكلام ، وهو كما في الكشاف : « وما القى اليك الكتاب إلاّ رحمة من ربك » (٢) اي لم يكن لالقائه عليك وجهٌ إلاّ رحمة ربك ، وعلى هذا الوجه ايضاً لا يُعلَم انه كان للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم رجاء لالقاء الكتاب عليه وان كان الاستثناء متصلا.
وهذا الوجه بعيد أيضاً لكون المستثنى منه ، محذوفاً مفهوماً من الجملة على خلاف الظاهر وانما يصار إليه إذا لم يصحّ ارجاعُه إلى نفس الجملة الواردة في نفس الآية كما سيبيَّن في الوجه الثالث.
٣ ـ أن يكون « إلاّ » استثناء من الجملة السابقة عليه اعني قوله : « وما كنت ترجو » ويكون معناه : ما كنت ترجو القاء الكتاب عليك إلاّ أن يرحمك اللّه برحمة فينعم عليك بذلك ، فتكون النتيجة : ما كنت ترجو إلاّ على هذا (٣).
فيكون هنا رجاء منفياً ، ورجاء مثبتاً ، أما الأول فهو رجاؤه بحادثة نزول الكتاب على نسج رجائه بالحوادث العادية ، فلم يكن ذاك الرجاء موجوداً.
واما رجاؤه به عن طريق الرحمة الالهية فكان موجوداً فنفيُ أحد الرجائين لا يستلزم نفي الآخر ، بل المنفيّ هو الأول ، والثابت هو الثاني وهذا الوجه هو الظاهر المتبادر من الآية.
وقد سبق منّا أن جملة « ما كنت » وما اشبهه تستَعمل في نفي الامكان ،
__________________
١ ـ مجمع البيان : ج ٤ ، ص ٢٩٦ ، مفاتيح الغيب : ج ٦ ، ص ٤٠٨.
٢ ـ الكشاف : ج ٢ ، ص ٤٨٧ و ٤٨٨.
٣ ـ مفاتيح الغيب : ج ٦ ، ص ٤٩٨.