٢ ـ وجود علاقات مع الامم الراقية.
٣ ـ وجود قصور وأبنية ضخمة ، وفخمة في اليمن كما يصفها المؤرخان المسيحيان المعروفان « هيردوتس » و « ارتميدور » اللذان كانا يعيشان قبل المسيح بقرون ، وقدامى المؤرخين المسلمين كالمسعودي (١).
لا كلام في أنه كانت هناك في بعض مناطق الجزيرة العربية بعضُ حضارات ، ولكن الأدلة الّتي استند اليها المؤلفُ المذكورُ لا يمكن ان تكون شاهداً ودليلاً على وجود الحضارة في جميع نقاط الجزيرة العربية أبداً.
صحيح أن تكامل اللغة يسير جنباً إلى جنب مع غيره من مظاهر المدنيّة ، ولكن لا يمكن ان نعتبر اللغة العربية لغة مستقلة وغير مرتبطة باللغات الاُخرى اي العبرانية والسريانية والآشورية والكلدانية ، لأن جميع هذه اللغات ـ حسب ما يؤيده ويؤكده المتخصصون في علم اللغات ـ كانت ذات يوم ـ متحدة الأصل ، وقد تشعبت من لغة واحدة ، وفي هذه الحالة يحتمل أن تكون اللغة العربية قد حققت تكاملها عبر اللغة العبرانية أو الآشورية ، وبعد تكاملها أصبحت لغة مستقلة ، أي ان الآخرين أسهموا في تكميلها.
كما أنه لا شك أنّ وجود علاقات تجارية مع الاُمم والشعوب الراقية هو الآخر دليل على الحضارة والمدنية إلاّ أنه هل كانت جميع مناطق الجزيرة العربية تملك مثل هذه العلاقات ، أم إن اكثرها كانت محرومة من ذلك؟
هذا من جهة.
ومن جهة أخرى فان وجود علاقات بين حكومتين في الحجاز وهما : « الحيرة وغسان » وبين حكومتي « الفرس » و « الروم » لا يدل أبداً على وجود حضارة في المنطقتين الحجازيتين إذ أن جميع هذه الحكومات كانت متصفة بالعمالة ، فان الكثير من البلاد الافريقية هي اليوم من مستعمرات الدول الاوربية ومع ذلك لا توجد فيها أية مؤشرات ولا أية مظاهر من الحضارة الغربية الواقعية.
__________________
١ ـ حضارة العرب : ٧٨ ـ ١٠٠.