حسدهم له ، فقد كانوا يتمنُّون أن يكونوا هم صاحب هذا المنصب ، وصاحب هذه المنزلة.
فقد قال المفسِّرونَ عند قوله تعالى : « وَقالُوا لَولا نُزِّلَ هذا الْقُرانُ عَلى رَجُل مِنَ القَريَتَيْنِ عَظيم » (١) أن « الوليد بن المغيرة » قال : أيُنزَّل على محمَّد واُترك وأنا كبير قريش وسيّدها ويترك « ابو مسعود عمرو بن عمير الثقفي » سيد ثقيف ونحن عظيما القريتين فأنزل اللّه تعالى فيه الآية (٢).
وروى انه قال : واللّه لو كانت النبوّة حقاً لكنتُ أولى بها منكَ لأنَّنِي اكبرُ منكَ سناً وأكثر منكَ مالا (٣).
وكان « اُميّة بن أبي الصلت » من الذين كانوا يقولون هذا الكلام حول رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وكان يتمنى كثيراً أن ينال هو هذا المقام ويحظى بهذا المنصب العظيم ، ولم يتبع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى آخر حياته ، وكان يؤلّب الناس عليه.
وقد سأل « الاخنسُ بن شريق » ـ وهو من أعداء رسول اللّه ـ أبا جهل يوماً يا ابا الحكم ما رأيك فيما سمعتَ من « محمَّد »؟
فقال : ماذا سمعتُ ، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرفَ ، أطعَمُوا فأطعَمنا ، وحَملوا فحمَلنا ، وأعطوا فأعطينا حتّى إذا تجاذبنا على الركب ، وكنا كفرسي رهان ، قالوا : منّا نبيُّ يأتيه الوحيُ من السماء ، فمتى تدركُ مثل هذه ، واللّه لا نؤمنُ به أبداً ولا نصدّقه (٤).
هذه النماذج تُظهِرُ الحسد الّذي كان يحول بين زعماء قريش وساداتها وبين إتّباع رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وتصديقه ، فَعثَوا على اللّه وتركوا أمره عياناً ، ولجّوا فيما هم عليه من الكفر ، وهناك نماذج وأمثلة اُخرى سجّلتها صفحات التاريخ أعرضنا عن إدراجنها هنا.
__________________
١ ـ الزخرف : ٣١.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣٦١.
٣ ـ بحار الأنوار : ج ١٨ ، ص ٢٣٥.
٤ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٥ و ٣١٦.