المستوى المطلوب ، فقد كانت تلك المؤامرات تفشل في كل مرة ، ولا يجني المشركون منها سوى الخيبة والفشل ، وسوى النتائج المعكوسة في أغلب الأحايين.
فقد مارسوا الدعاية ضد رسول اللّه فترة من الزمن ولكن لم يحالفهم التوفيقُ الكاملُ في ذلك ، فقد وجدوا رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم اكثر ثباتاً واستقامة في طريقه وأشدّ إصراراً على هدفه ، وكانوا يرون باُم أعينهم بأن عقيدة التوحيد في انتشار مستمر ومتزايد ، يوماً بعد يوم.
ولهذا قرَّر سادة قريش وزعماء « مكة » المشركون أن يمنعوا الناس عن سماع القرآن. ولكي تتحقق خطتهم هذه وتلبس ثوب الوجود بَثّوا جواسيسهم في كل انحاء مكة ومداخلها ليمنعوا من يفدُ اليها للحج أوالتجارة من الاتصال بمحمَّد ، ومنعه بكل صورة ممكنة ، عن الاستماع إلى القرآن ، وأعلن مناديهم ما ذكره القرآن عند قوله تعالى : « وَقالَ الَّذينَ كَفرُوا لا تَسْمعُوا لِهذا الْقُرآن والْغوا فِيْه لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ » (١).
لقد كان القرآن اقوى أسلحة النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقد القى رعباً عجيباً في نفوس الاعداء واقضّ مضاجعهم.
وكان اشراف قريش وأسيادها يرون باُم أعينهم كيف أنَّ اعدى أعداء النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ( وهو أبو جهل ) عندما مشى إليه ليستهزئ به ، ويسخر منه ، ما ان سمع آيات من القرآن ، إلاّ وفقد السيطرة على نفسه ، ولان قلبه ، وأصبح من أصحابه ومؤيديه الأقوياء ، ولهذا لم يكن أمام اُولئك الاسياد إلا أن يمنعوا من سماع القرآن منعاً باتا ، ويحرموا التحدث إلى النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم تحريماً قاطعاً (٢).
ولهذا كان الرجل منهم إذا أراد أن يسمع من رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بعض ما يتلوه من القرآن وهو يصلي استرق السمع دونهم فرقاً منهم ، فان رأى أنهم قد عرفوا أنه يستمع منه ذهبَ خشيةَ أذاهُم فلم يستمع (٣).
__________________
١ ـ فصّلت : ٢٦.
٢ و ٣ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٣١٣ و ٣١٤.