الأحوال.
بينما لو صحّت هذه الرواية ـ الاسطورة ـ لكانت دليلا على أنَّ بَطلَ حديثنا قد فَقَد عنان الصبر وأفلت منه زمام الثبات والاستقامة وانه بالتالي تعب وملّ ، وضني وكلّ ، وهو أمرٌ لا ينسجم مع ما يحكم به العقل السليمُ في حق الأنبياء ، كما لا يتفق كذلك مع ما عهدناه من سوابق رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ومن مستقبله أبداً.
إن مختلق هذه الاسطورة لم يمرّ بخاطره وباله أنَّ القرآن الكريم شهد ببطلان هذه القصة ، إذ يعد اللّه تعالى نبيه الكريم ، بأن لا يتسرّب إلى القرآن أي شيء من الباطل إذ قال : « لا يَاتِيه الباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَديْه ولا مِنْ خَلفِه » (١).
كما وعده أيضاً بأن يَصونه عبَر جميع أدوار البشرية من أي حادث سيّء إذ قال سبحانه : « إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا الذِكْرَ وَاِنّا لَهُ لَحافِظُونَ » (٢).
ومع ذلك كيف يستطيع الشيطان الرجيم عدو اللّه أن ينتصر على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم ويسرّب إلى القرآن شيئاً باطلا ، ويصبح القرآنُ الّذي تقوم معارفه وتعاليمه على أساس معاداة الوثنية ومحاربتها داعياً إلى الوثنية؟؟!!
إنه لأمر عجيبٌ جداً أن يفتري مختلِقُ هذه الاسطورة أمراً ضدَّ التوحيد في موضع قد كذّبه القرآنُ قبل هذا المكان بقليل إذ قال اللّه تعالى : « وَما يَنْطِقُ عَنْ الْهَوى. إنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوْحى » (٣).
فكيف يترك اللّه نبيّه ـ وقد وعده بهذا الوعد ـ من دون حفيظ ، ويسمح للشيطان بأن يتصرف في قلبه وعقله ولسانه؟؟
إن هذه الأدلة العقلية إنما تفيد من يكون مؤمناً بنبوة محمَّد صلىاللهعليهوآلهوسلم ورسالته.
__________________
١ ـ فصّلت : ٤٢.
٢ ـ الحجر : ٩.
٣ ـ النجم : ٣ و ٤.