قال : نعم ... ثم سمّى له القوم الذين وعدوه بالمساعدة على نقض تلك الصحيفة القاطعة الظالمة.
فاتفقوا على أن يحضروا في أندية قريش في المسجد ويُعلِنُوا مخالفَتهم لتلك الصحيفة.
فلمّا أصبحوا غَدوا إلى مجلس قريش في المسجد الحرام فأقبل « زهير بن أبي اُميّة » على الناس وقال :
يا أهل مكة أنأكل الطعام ونلبسُ الثياب ، وبنو هاشم هلكى لا يُباع لهم ولا يُبتاعُ منهم؟ واللّه لا أقعد حتّى تشقّ هذه الصحيفة القاطعة الظالمة.
فقال أبو جهل وكان في ناحية المسجد : كذبتَ واللّه لا تُشقّ.
فانتصر زمعة لزهير وردَّ على أبي جهل قائلا : أنت واللّه أكذبُ ، ما رضينا كتابَها حيث كتبت.
وقال أبوالبختري من ناحية مؤيّداً موقف زميله : صدق زمعةُ لا نرضى ما كتب فيها ، ولا نقرّ به.
وقال المطعم بن عدي : صدقتما وكذب من قال غير ذلك ، نبرأ إلى اللّه منها ، وممّا كتب فيها.
وقال هشام بن عمرو نحواً من ذلك.
فأحسّ أبو جهل بأنَّ ذلك كان أمراً مبيَّتاً مدبَّراً من قبل فقال :
هذا أمرٌ قُضِيَ بليل ، تُشُوور فيه بغير هذا المكان.
وكان أبو طالب ـ حسب بعض الروايات التاريخية ـ جالساً ذلك اليوم في ناحية المسجد ، فقام المطعم إلى الصحيفة ليشقَّها فوجد ( الإرضة ) (١) قد أكلتها ، إلاّ « باسمك اللَّهمَ » الّتي صُدرَت بها تلك الصحيفة وهي جملة كانت قريش تبدأ بها عهودَها ورسائلها.
فلما رأى « أبو طالب » ذلك رجع إلى الشعب وأخبر رسول اللّه ( صلى الله عليه
__________________
١ ـ وهي دودة بيضاء شبه النملة وهي آفة كل شيء من خشب أو نبات راجع لسان العرب مادة : ارض.