المقدس » في الأردن وفلسطين والّذي يسمى « المسجد الأقصى » أيضاً ، وهبط في تلك النقطة بعد مدة قصيرة جداً ، وزار مواضع عديدة من ذلك المسجد ، وتفقّد « بيت لحم » مسقط رأس « السيد المسيح » ومنازل الأنبياء وآثارهم ومحاريبهم ، وصلّى عند كل محراب من بعض تلك المحاريب ركعتين.
ثم بدأ بعد ذلك القسم الثاني من رحلته ، حيث عرج من ذلك إلى السماوات العلى ، وشاهد النجوم والكواكب ، واطّلع على نظام العالم العلوي ، وتحدث مع ارواح الأنبياء ، والملائكة السماويين ، واطّلع على مراكز الرحمة والعذاب ( الجنة والنار ) (١) ورأى درجات أهل الجنة ، وأشباح أهل النار عن كثب ، وبالتالي تعرف على أسرار الوجود ، ورموز الطبيعة ، ووقف على سعة الكون ، وآثار القدرة الالهيّة المطلقة ، ثم واصل رحلته حتّى بلغ إلى سدرة المنتهى (٢) ، فوجَدها مسربلة بالعظمة المتناهية والجلال العظيم وعندها انتهى برنامج رحلته صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فامر بأن يعود من حيث أتى فعاد ، بعد صلىاللهعليهوآلهوسلم ومرّ في عودته على بيت المقدس ثانية ، ثم توجّه منه إلى « مكة » ، ومرّ خلال الطريق على قافلة تجارية لقريش وقد ضلّ بعير لهم في البيداء وكانوا يبحثون عنه ، ثم وجد في رحلهم قعباً مملوء من الماء فشرب منه وصبَّ بقيته على الأرض أو غطاه كما كان بناء على رواية. وترجّل عن مركبته الفضائية العجيبة في بيت « اُم هاني » قبيل طلوع الفجر ، وأخبرها بالخبر قبل اي أحد ، ثم كشف عن هذا الحادث في أندية قريش صباح نفس تلك الليلة.
فاستبعد السامعون قصة المعراج والحركة السريعة هذه ، واعتبروه أمراً محالا وانكروه ، وفشا هذا الخبر في جميع الأوساط وغضب بسببه أشراف قريش وساداتهم اكثر من غيرهم.
وكعادتها بادرت قريش إلى تكذيب هذه القصّة وقالوا : هذا واللّه الامر البيّن
__________________
١ ـ مجمع البيان : سورة الاسراء ، ج ٦ ، ص ٣٩٥.
٢ ـ لتوضيح معنى سدرة المنتهى راجع كتب التفسير.