كل مكة حرماً إلهياً ، ومن هنا كان كل مكان من مكة يتمتع عندهم بحكم الحرم والمسجد الحرام ، فيكون المراد بالمسجد الحرام هنا مكّة ، ومكّة والحرم كلها مسجد ، فصحَّ أن يقول : « من المسجد الحرام ».
وتَذهب بعض الروايات إلى أنَّ المعراج كان من نَفس المسجد الحرام.
ثم إنَّ هذه الآية وان كانت تصرّح بأنَّ المعراج بدأ من « المسجد الحرام » وانتهى ب : « المجسد الأقصى » إلاّ أن ذلك لا ينافي أن يكون للنبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم رحلة اُخرى إلى العالم العُلوي لأنّ هذه الاّية تبيّن فقط قسماً من هذه الرحلة ، وأما القسم الآخر من برنامج هذه الرحلة فتتعرض لذكره آيات في مطلع سورة « النجم ».
٤ ـ إنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم عرج بجسمه وروحه معاً ، لا بالروح فقط.
ويدلُّ على ذلك قوله تعالى « بعبده » الّذي يُستَعمل في « الجسم والروح معاً » ولو كان المعراج بالروح فقط لزم أن يقول : « بروحه ».
٥ ـ إنَّ الغرض من هذا السير العظيم وهذه الرحلة العجيبة هو إيقاف النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم على مراتب الوجود ، وإطلاعه على الكون العظيم ، وهذا ما سنشرحه فيما بعد.
وأما السورة الاُخرى الّتي تعرض لبيان حادثة المعراج بوضوح وصراحة هي سورة « النجم ».
والآيات الّتي سندرجها هنا من هذه السورة نزلت على رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم عندما قال لقريش : « رأيت جبرئيلَ أوّل ما اُوحي التي على صورته الي خُلِقَ عليها » جادلته قريش في ذلك ، فنزلتِ الآيات التالية تجيب على اعتراضهم : « أفَتُمارُوْنَهُ عَلى ما يَرى. وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً اُخْرى. عِنْدَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهى. عِنْدَها جَنَّةُ الْمَأْوى. إذْ يَغْشى السِدْرَة ما يَغْشى. ما زاغَ البَصَرُ وَما طَغى. لَقَدْ رَأى مِنْ آيات رَبّه الكُبرى » (١).
__________________
١ ـ النجم : ١٢ ـ ١٨.