على ان كثيراً من تلك الاتصالات وان لم تثمر ولم تنطو على أية فائدة فعلية إلاّ أنها تسببت في أن يحمل حجاج يثرب ـ لدى عودتهم ـ انباء ظهور النبيّ الجديد وينشروه في اوساط المدينة كأهم نبأ من انباء الساعة ، ويلفتوا نظر الناس في تلك الديار إلى مثل هذا الامر المهم والخطير.
ولهذا نقلنا هنا بعض اللقاءات والاتصالات الّتي تمت بين رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم وجماعات من اهل هذه المدينة في السنة الحادية عشرة والثانية عشرة والثالثة عشرة من البعثة للتتضح بدراسة هذه المطالب علة هجرة النبيّ الاكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم من مكة إلى يثرب ، وتمركز قوى المسلمين في تلك المنطقة.
١ ـ كان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم كلما سمع بقادم يقدم مكة من العرب له اسم وشرف تصدى له ، ودعاه إلى الإسلام وعرض عليه ما عنده.
وقد قدم مرة « سويد بن الصامت » فتصدى له رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم حين سمع به فدعاه إلى اللّه وإلى الإسلام فقال له سويد : فلعلّ الّذي معك مثل الّذي معي.
فقال له رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : وما الّذي معك.
قال : مجلة لقمان يعني حكمة لقمان.
فقال رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم إعرضها عليَّ فعرضها عليه. فقال له : إن هذا الكلام حسن ، والّذي معي أفضل من هذا. قرآنٌ انزلهُ اللّهُ عليّ هو هدى ونور.
ثم تلا عليه رسولُ اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم القرآن ودعاه إلى الإسلام فقال سويد إنّ هذا قولٌ حسن وآمَنَ برسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فقدم المدينة على قومه ، فلم يلبث أن قتلته الخزرج فيما كان يتلفظ الشهادتين وكان قتله قبل يوم بعاث (١) (٢).
__________________
١ ـ بعاث موضع كانت فيه حرب بين الأوس والخزرج.
٢ ـ السيرة النبوية : ج ١ ، ص ٤٢٥ ـ ٤٢٧.