صلىاللهعليهوآلهوسلم فواعدهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعقبة للبيعة إذ قال : « موعدكم العقبة في الليلة الوسطى من ليالي التشريق ».
فلما كانت الليلة الثالثة عشرة من شهر ذي الحجة وهي الّتي واعدهم رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فيها باللقاء ، ونام الناس حضر رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مع عمّه « العباس بن عبد المطلب » قبل الجميع ، وخرج المسلمون من رحالهم يتسلّلون تسلل القطا مستخفين بعد أن ناموا مع قومهم في رحالهم ، ومضى ثلث الليل لكيلا يحسّوا بخروجهم ، حتّى اجتمعوا في الشعب عند العقبة ، ولما استقرّ المجلس بالجميع ، كان أوّل متكلم هو : العباس بن عبد المطلب فقال واصفاً منزلة رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا معشر الخزرج ـ وكانت العرب تسمي هذا الحي من الانصار الخزرج خزرجها وأوسَها ـ إنَّ محمَّداً مِنّا حيث قد علمتم ، وقد مَنَعاهُ من قومنا ، فهو في عزّ من قومه ، ومَنعة في بلده ، وإنّه قد ابى إلاّ الإنحياز اليكم ، واللُحوق بكم ، فان كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه ، ومانعوه ممّن خالفه فأنتم وما تحملتم من ذلك ، وإن كنتم ترونَ أنكم مُسلِمُوهُ وخاذِلُوهُ بعدَ الخروج به إليكم ، فمن الآن فدعوهُ فانه في عزّ ومَنعة من قومه وبلده.
فقال الحضور : قد سمعنا ما قلتَ فتكلّم يا رسول اللّه ، فخذ لنفسك ولربك ما أحببتَ.
فتكلمَ رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم فتلا القرآن ودعا إلى اللّه ورغّب في الإسلام ثم قال : اُبايعُكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وابناءكم.
فقام البراء بن معرور وأخذ بيد النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وقال : نعم والّذي بعثك بالحق نبياً لنمنعمنَّك مما نمنع منه اُزُرنا (١) فبايعنا يا رسول الّه فنحن واللّه
__________________
١ ـ الملاحظ في هذه البيعة انها كانت بيعة للدفاع عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم وليس بيعة للجهاد في سبيل اللّه ، ولهذا فان رسول اللّه صلىاللهعليهوآلهوسلم لم يقدم على القتال في بدر إلا بعد ان كسب موافقة الانصار ورضاهم.